في رحاب الزعيم الخالد

وجهت إلي في أول شهر يوليو دعوة كريمة من القائمين على ضريح الزعيم جمال عبدالناصر بالحضور إلى مرقد الزعيم يوم الثلاثاء الموافق 23 يوليو ، يوم ثورة مصر العظيمة ،  تلقيت الدعوة بشيء من الإجلال والتقدير ، علما بأنني أعاني من آثار العملية الجراحية التي أجريتها ، الأمر الذي يجعلني أسير بصعوبة مع ما أعاني من الآلام إلا أن هذا الرجل العظيم ، الذي أفنى حياته من أجل الأمة ، يستحق أن تشد إليه الرحال .     

ذهبت إلى مرقد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر باكرا ،  سلمت على الزعيم وقرأت الفاتحة ، ثم عمدت إلى قاعة الاستقبال وإذا بجموع غفيرة قد سبقتني إلى ذلك المكان معظمهم من المسنين الذين يقتادهم بعض أقاربهم ، وتسندهم عكاكيزهم ، كتبت كلمة في سجل الزيارات ، ثم قعدت على أحد المقاعد ، وأنا أنظر إلى أولئك القوم وأصواتهم الصاخبة وأستمع إلى آرائهم الصادحة بكلمة الحق التي لا تخشى الرقيب ولا تخاف من العتيد ، قرأت في وجوههم الوفاء والبوح بما في أنفسهم وكأنهم في حضرة الزعيم حيا ، فسألت أحد الجالسين بجواري ألا يخافون هؤلاء القوم من البوح بأقوالهم القوية ؟ فقال لعلهم نسوا أو تناسوا أن الزعيم ميتا فكأنهم يحتمون بقوته وجرأته إذ كان حيا ،  فقلت لله درك من زعيم عظيم خلق الشجاعة في القوم حيا وميتا . 

أمضيت بعض الوقت وإذا بنجل الزعيم عبدالحكيم قد وصل فقامت القوم تبادله التحية والترحيب إجلالا لعظمة والده في نفوسهم ،  فما كان مني إلا أن تماسكت جيدا وتعاليت على الآلام فتقدمت إليه بين تلك الجموع كي أصافحه وأنقل إليه تحيات بلاد العرب السعيدة وأشواقها للزعيم الخالد جمال ابدالناصر طيب الله ثراه .