ثقافة الهروب من المسؤولية.. من يجرؤ على الاعتراف؟

في مشهد يتكرّر بشكل مقلق في الجنوب ا، أصبحت ظاهرة إسقاط الفشل على “الآخر” – وتحديدًا على “الأخوة الشماليين” – جزءًا من الخطاب العام، سواء على مستوى القيادات أو بعض فئات المجتمع. هذا النمط من التفكير لا يعكس فقط غياب الاعتراف بالخطأ، بل يعمّق الأزمة ويمنع أي محاولة جادة للخروج منها.

كلما واجهنا أزمة أو موقفًا صعبًا، يتجه الخطاب إلى تحميل الآخرين المسؤولية.
من فشل الوحدة، إلى إخفاقات الحراك الجنوبي، وحتى الإشكالات اليومية في الأمن والكهرباء، غالبًا ما يُلقى اللوم على “الشماليين”، “النازحين”، أو “المندسين”. وحتى أحداث عام 1986 وما قبلها من انقلابات وتصفيات سياسية، نُسبت إلى أشخاص شماليين، رغم أنهم كانوا جزءًا من النسيج الجنوبي وقدموا تضحيات كبيرة في سبيل الجنوب واليمن عمومًا.

هذه الذهنية – ذهنية العجز والإسقاط – لا تُنتج إلا الدوران في حلقة مفرغة.
عندما يفشل مجتمع في إنتاج رؤية، أو قيادة، أو مشروع نهضوي، فإنه يبحث عن “عدو وهمي” يعلّق عليه كل إخفاقاته. هذا ما يحدث في كثير من المناطق الجنوبية، وخصوصًا المثلث  منها، حيث تكرّس روايات تبريرية تمنع أي مواجهة حقيقية مع الذات.

لكن الحقيقة المؤلمة التي يجب أن نواجهها هي: نحن فشلنا.
فشلنا لأننا لم نخطط، ولم ننتج، ولم نبنِ مؤسسات. لم نقدّم دراسات أو رؤى، ولا إعلامًا حقيقيًا، بل عشنا في أوهام وشعارات جوفاء لا تمتّ للواقع بصلة.

الخطوة الأولى نحو الخروج من هذه الدوامة تبدأ بالاعتراف. الاعتراف بأن مشكلاتنا هي مشكلات داخلية أولاً، وأن حلّها لن يكون بإسقاط المسؤولية على الآخر، بل بتحمّلها والعمل الجاد على مواجهتها.

نحن جزء من هذا الوطن، بجنوبه وشماله، وأمن الجنوب لا يتحقق إلا بأمن اليمن، والتنمية لا تُبنى على الضغينة، بل على الشراكة والفهم العميق للتحديات.

أن نقول “فشلنا”، هو قمة الوعي .