الخرس الزوجي… حروب صامتة بطابع اقتصادي!
في قلب حي الشيخ عثمان الشعبي، وبين جدارٍ يتآكل من الرطوبة، يسكن "أبو رمزي" و"أم رمزي"، ثنائي عدني يعاني من أشد أنواع الحروب: الخرس الزوجي المدعوم بفقر الجيب وتقطّعات الكهرباء.
"أم رمزي" أصبحت تفتح الثلاجة كل صباح مش عشان تطبخ، بس تتأكد إن صوت الباب يزايط، ولا ذا الي تسمعه تمتمة زوجها الخافتة اللي راحت مع آخر ريال في الشهر .
أما "أبو رمزي"، فعادته يعود كل مساء وجيبه فاضي ما فيه إلا عيدان مناخيش، وجواله مربوط بخمس ربلات، مش لتوفير… بل لتثبيت الأمل في اتصال ما. وسماع كلمة "جابوا الراتب "
وفي يوم من الأيام، وهي تمسك علبة ملح صاحت بغضب:
"بيتي صار ميدان حرب! لا زيت، لا سكّر، وحتى ردّك صار آجل… كأنك موظف ينتظر صرف الراتب!"
فرد "أبو رمزي" من خلف الجوال المهترئ:
"أنا مش ساكت… أنا أُوفّر الصوت لما ترجع الكهرباء، عشان أصرّخ من القلب: هيييي وأخيرًا!"
تضحك "أم رمزي" ضحكة ممزوجة بنكهة حزينة، وتشغّل الراديو… وإذا بالمذيع يعلن:
"لعلاج الخرس الزوجي المدعوم بانهيار الجيب… اتصل بمركز دكتورة الحروب الصامتة. علاج بلا كلام… وبلا مصاريف!"
وهنا… ينطق أبو رمزي أخيرًا:
"يعني مجاني؟!"
أحسّت "أم رمزي" أنها شاهدت معجزة! فها هو زوجها يتكلم أخيرًا… لكن فقط عندما يسمع كلمة "بلا مصاريف".