المعلم اليمني.. بين صراع البقاء وانعدام الحياة الكريمة
في كل دول العالم، يُعتبر المعلم حجر الزاوية في بناء المجتمعات، فهو الذي يصنع الأجيال ويؤسس لمستقبل مشرق. لكن في اليمن، يواجه المعلم وضعاً مأساوياً لا يليق بمكانته ولا يضمن له الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
أرقام تكشف المعاناة
عندما نحاول قياس معاناة المعلم بحسبة بسيطة، سنجد أن الذي راتبه البالغ 75 ألف ريال يمني لا يكفي حتى لتغطية احتياجاته الأساسية، ناهيك عن احتياجات أسرته.
لو نحسب علبة التونه فقط سعرها 2500 ريال، إذا احتاج إلى 30 علبة في الشهر 75,000 ريال (أي الراتب بالكامل!)
ماذا عن القمح، الأرز، الزيت، الفواكه، والخضروات؟
ماذا عن تكاليف التعليم لأبنائه، المواصلات، الدواء، الملابس، فواتير الكهرباء والماء وبعضهم الايجار؟
الحقيقة الصادمة أن المعلم في اليمن يعيش تحت خط الصفر فهو محروم من الغذاء الكافي، ومن أبسط مقومات العيش الكريم، مما يهدد صحته النفسية والجسدية، وينعكس على أدائه داخل الفصل الدراسي، وبالتالي على جودة التعليم في البلاد.
المعلم بين الفقر والحرمان
اليوم، أصبح المعلم مضطراً للبحث عن أعمال أخرى، كقيادة سيارات الأجرة، أو بيع السلع في الأسواق، أو حتى العمل بأجور زهيدة لا تتناسب مع كرامته. بل إن البعض اضطر إلى الهجرة أو ترك المهنة بالكامل، مما يُشكل خطراً كبيراً على مستقبل التعليم في اليمن.
إلى متى سيظل المعلم في هذا الوضع المأساوي؟
هل يُعقل أن يكون حامل رسالة العلم، والمُربي الأول للأجيال، هو الأكثر فقراً ومعاناة في المجتمع؟
ما الحل؟ وكيف يمكن دعم المعلم؟
أولاً: مسؤولية الدولة
1.وضع هيكل اجور جديد ورفع رواتب المعلمين لتتناسب مع الوضع المعيشي، بحيث لا يقل عن 500 ألف ريال يمني شهرياً كحد أدنى لضمان حياة كريمة.
2.صرف الرواتب بانتظام دون تأخير، فمن غير المقبول أن يُترك المعلم لأشهر بلا راتب.
3.توفير التأمين الصحي للمعلمين وأسرهم، ليتمكنوا من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.
4.تقديم حوافز ومكافآت للمعلمين المتميزين لتحفيزهم على الاستمرار في أداء رسالتهم.
5.دعم المعلمين بمساعدات غذائية شهرية لتخفيف الضغط المعيشي عنهم.
ثانياً: دور أولياء الأمور والمجتمع
1.المطالبة بحقوق المعلمين من خلال الضغط الشعبي والإعلامي لإجبار الجهات المسؤولة على تحسين أوضاعهم.
2.دعم المعلمين مادياً ومعنوياً عبر مبادرات مجتمعية تسهم في تخفيف معاناتهم.
رسالة إلى الحكومة والجهات المعنية
لا يمكن بناء مجتمع متطور دون تعليم جيد، ولا يمكن أن يكون هناك تعليم جيد بدون معلمين يعيشون حياة كريمة. إن تجاهل حقوق المعلمين هو حكم بالإعدام على الأجيال القادمة.
المعلم ليس متسولاً يمد يده للمساعدة، بل هو الأساس الذي تقوم عليه نهضة أي أمة. إن لم يحصل المعلم على حقوقه، فلن يكون هناك جيل متعلم، ولن يكون هناك مستقبل مشرق لهذا الوطن.
زيادة الراتب حق للمعلم وليس مكرمة.
التعليم_في_خطر
د/توفيق السالمي