تغير المناخ يرفع فاتورة الكوارث الطبيعية عالميًا إلى 131 مليار دولار

تغير المناخ يرفع فاتورة الكوارث الطبيعية عالميًا إلى 131 مليار دولار

(أبين الآن) متابعات

 الكوارث الطبيعية

ببت الكوارث الطبيعية في مختلف أنحاء العالم خلال النصف الأول من عام 2025 في خسائر إجمالية تُقدَّر بنحو 131 مليار دولار (مقارنة بـ155 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق بعد تعديل التضخم)، منها 80 مليار دولار مغطاة تأمينيًا، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن شركة “ميونيخ ري”.

وتُعد هذه الأرقام أعلى بكثير من متوسطات السنوات العشر والثلاثين الماضية (بعد تعديل التضخم)، حيث بلغ متوسط الخسائر الإجمالية 101 و79 مليار دولار، والخسائر المؤمن عليها 41 و26 مليار دولار على التوالي.

وسجلت الخسائر المؤمن عليها ثاني أعلى مستوى لها في النصف الأول من أي عام منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1980، متجاوزة كل الأعوام السابقة ما عدا 2011، الذي شهد زلزالًا وتسوناميًا مدمرًا في اليابان.

ووفقًا لأول إحصاء شامل للأثر الاقتصادي للغوص، فإن هذه الهواية تسهم بما يتراوح بين 8.5 مليار و20.4 مليار دولار سنويًا في الاقتصاد العالمي، وتوفر ما يصل إلى 124 ألف وظيفة في 170 دولة حول العالم.

ويمنح هذا التحليل الجديد دعاة الحفاظ على المحيطات أرقامًا دقيقة يمكن استخدامها للدفاع عن أن حماية البحار ليست واجبًا أخلاقيًا فحسب، بل هي أيضًا استثمار اقتصادي مربح.

الغوص في محميات بحرية ويحفز اقتصادات محلية

مشروع أطلس أكواتيكا: من المحلية إلى العالمية

استنادًا إلى دراسة سابقة أجريت عام 2021 وقدرت مساهمة سياحة الغوص في المكسيك بحوالي 725 مليون دولار سنويًا – أي ما يعادل تقريبًا عائدات قطاع الصيد بأكمله – أطلق عالم الأحياء البحرية أوكتافيو أبورتو-أوروبزا، من معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، مشروع “أطلس أكواتيكا”، بدعم من ناشيونال جيوغرافيك وضمن مبادرة “عقد الأمم المتحدة للمحيطات”.

ولهذا، جمع الفريق بيانات من أكثر من 11,500 مشغل غوص عبر Google Maps وسجلات منظمة PADI، وتم التحقق من صحتها بمساعدة خبراء محليين. كما أجريت دراسة استقصائية إلكترونية شملت 425 نشاطًا تجاريًا في 81 دولة.

الاقتصادي أندريس سيسنيروس-مونتيميور من جامعة سايمون فريزر ترجم هذه البيانات إلى تقديرات للإنفاق، بما يشمل المصروفات المباشرة على الدورات والغواصات وتأجير المعدات، إضافة إلى المصروفات غير المباشرة مثل الفنادق والمطاعم والنقل من قبل ما بين 9 و14 مليون غواص ترفيهي حول العالم.

مفهوم النموذج لتقدير التأثير العالمي، وتتضمن مجموعات البيانات جميع البيانات المستخدمة كمدخلات ومصادرها

أرقام تفوق التوقعات

فوجئ الباحثون بحجم الأثر الاقتصادي، إذ بلغ الإنفاق المباشر على الغوص ما بين 900 مليون و3.2 مليار دولار سنويًا.

وعند احتساب الإنفاق غير المباشر، تصل الأرقام إلى ما بين 8.5 مليار و20.4 مليار دولار سنويًا.

ويُعد توظيف السكان المحليين في 80٪ من وظائف مراكز الغوص من النسب المرتفعة مقارنة بقطاعات السياحة الجماعية.

يقول فابيو فافوريتو، منسق مشروع أطلس أكواتيكا وزميل ما بعد الدكتوراه في سكريبس: “الغوص فريد من نوعه، لأنه يجبرك على قضاء وقت تحت الماء. يمكنك الإبحار أو ركوب الأمواج فوق محيط ميت، لكن الغواصين يلاحظون غياب الأسماك. إنها هواية تعتمد على صحة النظام البيئي، ما يجعل الغواصين حلفاء للحماية البيئية”.

الغوص يتم في محميات بحرية ويحفز اقتصادات محلية

الغواصون يفضلون المحميات البحرية

تشير الدراسة إلى أن نحو 70٪ من جميع أنشطة الغوص تتم داخل محميات بحرية، ما يتماشى مع أبحاث سابقة تظهر أن الغواصين ومشغلي الغوص مستعدون لدفع المزيد مقابل فرص مشاهدة الحياة البحرية الغنية.

وتُظهر الدراسات أن توسيع نطاق المحميات البحرية يمكن أن يعزز العائدات المالية من السياحة البيئية، عبر جذب مزيد من الزوار المستعدين لدفع رسوم أعلى مقابل الشعاب المرجانية الصحية والمراعي البحرية والجروف المحيطية الغنية بالحياة.

يقول أبورتو-أوروبزا: “نُظهر في هذه الدراسة أن الغوص يُدر دخلًا كبيرًا، دون إلحاق الضرر بالبيئة كما تفعل الصناعات الاستخراجية مثل الصيد أو التعدين. ونأمل أن تُسهم هذه البيانات في تشجيع السياسات التي تستثمر في الغوص من خلال زيادة الحماية البحرية”.

الأسعار (لليوم الواحد للشخص الواحد) لرحلات الغوص اليومية والجولات على متن قارب حي

عيون تراقب تدهور البيئة

رغم الفوائد الاقتصادية، لا توفر الأموال وحدها الحماية الكافية للأنظمة البيئية. فقد أفاد معظم مشغلي الغوص الذين شملهم الاستطلاع أنهم لاحظوا تدهورًا بيئيًا واضحًا في مواقع الغوص خلال العقد الماضي، ما يمنحهم دورًا محتملاً كنظام إنذار مبكر لصناع القرار، في حال تم إشراكهم رسميًا في إدارة المناطق الساحلية.

يوصي الباحثون بضرورة توحيد بروتوكولات المراقبة البيئية في قطاع الغوص، ومنح المشغلين مقاعد رسمية ضمن الهيئات المسؤولة عن إدارة البحار.

التغير الملحوظ في الظروف البيئية لمواقع الغوص على مدى السنوات العشر الماضية

نموذج للسياحة المستدامة

تمثل سياحة الغوص نموذجًا لما يُعرف بـ”الاقتصاد الأزرق”، الذي يعزز ازدهار المجتمعات الساحلية من خلال الحفاظ على الموارد البحرية، بدلًا من استنزافها.

تقول آنا شوهباور، المؤلفة الرئيسية للدراسة وعالمة مصايد في جامعة كولومبيا البريطانية: “على عكس بعض أنماط السياحة الجماعية التي قد تضر بالبيئة والمجتمعات المحلية، فإن الغوص الترفيهي – عند إدارته بشكل جيد – يمكن أن يكون مجديًا اقتصاديًا، وعادلًا اجتماعيًا، ومستدامًا بيئيًا”.

الغواصون عادة ما يسافرون في مجموعات صغيرة، ويمكثون لفترات أطول، وينفقون أكثر على الخدمات المحلية. كما أن الأثر البيئي لهوايتهم منخفض نسبيًا: يستخدمون مراسي ثابتة، وقوارب بطيئة، واسطوانات قابلة لإعادة التعبئة.

نظرة عامة على جمع البيانات وتحليلها كما هو موضح في قسم الأساليب، بما في ذلك تحديد مشغلي الغوص،

نحو تمكين أصوات الغواصين

رغم أهميتهم الاقتصادية، يعاني مشغلو الغوص من التشتت وانعدام التمثيل الرسمي في سياسات السواحل والمصايد. ولهذا يسعى مشروع أطلس أكواتيكا إلى تنظيمهم في تعاونيات.

وقد بدأت تعاونيات تجريبية في المكسيك وإيطاليا بالفعل في جمع الأموال لاستعادة الشعاب المرجانية، والمطالبة بحدود أكثر صرامة للصيد داخل المحميات، وتحسين معايير السلامة والاستدامة.

توصي الدراسة بأن تعترف الحكومات بهذه التعاونيات كأطراف فاعلة رسمية، ما يمنحها حق المشاركة في صنع القرار بشأن المناطق البحرية التي تعتمد عليها.

حماية البيئة البحرية مجزية

لطالما أكد دعاة حماية الطبيعة أن التنوع البيولوجي يمكن أن يُدر دخلًا كافيًا لتمويل حمايته. وتُترجم هذه الدراسة هذا الشعار إلى أدلة رقمية ملموسة، تربط بين الغوص، والدخل، وحماية النظم البيئية.

ومع وجود 70٪ من الغطسات داخل المحميات البحرية، فإن صانعي السياسات الذين يوازنون بين الأرباح قصيرة الأجل من التعدين أو الصيد الجائر مقابل عوائد السياحة البيئية أصبحوا الآن أمام حسابات أوضح.

روني بوسالا بجمع البيانات عن غوص في البعثة في جزر سليمان

غوص في حزر سليمان

نظرة مستقبلية على الغوص

أقر الباحثون بوجود فجوات في الدراسة: مثل صعوبة رصد المشغلين غير الرسميين أو غير المرخصين، وتأثير جائحة كورونا على أرقام السفر. ورغم ذلك، يُعتقد أن الإسهام الاقتصادي الحقيقي قد يكون أعلى من التقديرات.

ستسعى الدراسات المستقبلية إلى تحسين التقديرات الإقليمية، وتحليل البصمة الكربونية، واختبار العلاقة بين زيادة الحماية البيئية وزيادة العوائد المالية على المدى الطويل.

وفي الوقت الحالي، تبقى الرسالة الأساسية واضحة: المحيطات الغنية بالحياة تجذب الغواصين، والغواصون بدورهم يضخون المليارات في اقتصادات السواحل – دون استخراج سمكة واحدة.

الاعتراف بهذه الدورة الإيجابية قد يساعد في توجيه استثمارات التعافي العالمي، واستراتيجيات السياحة، ومشروعات تمويل المناخ نحو سياسات أكثر ذكاءً واستدامة، تُفيد الشعاب المرجانية، والغابات البحرية، والمجتمعات الساحلية.