من يقود السوق منذ خمسين سنة.. اصطدم بمطرقة الإنقاذ المالي
شهدت الأيام الأولى من أغسطس تحوّلًا ملحوظًا في منحنى سعر الصرف، بعد أن فرضت الدولة قبضة مالية غير مسبوقة على سوق العملة، وأعادت ترتيب قواعد اللعبة لصالح الاقتصاد الوطني والمواطن معًا.
فبينما كانت السوق السوداء تُراهن على استمرار الانهيار، جاء القرار الحكومي بتحديد سقف 425 للشراء و428 للبيع بمثابة ضربة ذكية قلبت الطاولة على المضاربين.
واليوم، نرصد في الميدان ما يلي:
التزام شبه كامل بأسعار الصرف المحددة.
امتناع كبار الصرافين عن البيع العشوائي.
تزايد عرض العملة الصعبة مقابل تراجع الطلب عليها.
اتجاه المواطن لبيع العملة الأجنبية لتغطية احتياجاته اليومية.
النتيجة؟
بدأ السعر فعليًا في الانخفاض التدريجي، ومن المتوقع – وفقًا للمراقبين – أن يقترب خلال أغسطس من حاجز ٣١٠ ريال يمني للريال السعودي، بل وربما يشهد مزيدًا من التراجع تحت سقف ١٤٠ إذا استمر الالتزام بنفس الوتيرة.
هذا التراجع ليس وهمًا، بل هو ثمرة حقيقية لعدة عوامل، أبرزها:
1. تشديد الرقابة الميدانية ومنع التداول خارج نطاق الصرافات الرسمية.
2. تجميد شهية المضاربين بعد تجفيف فرصهم في رفع السعر.
3. انكماش طلب السوق على العملة الصعبة، بسبب إحكام المنظومة المالية.
4. سحب السيولة من السوق بطريقة مدروسة دون الإضرار بالمواطن.
وبدلًا من الفوضى السابقة، أصبحت الدولة اليوم تمسك بخيوط السوق بثقة عالية، وتوجّه بوصلة الأسعار وفق معايير وطنية لا مزاجية.
ولعل الذكاء الاستراتيجي في ترك الباب مفتوحًا للهبوط تحت السقف المحدد، كان بمثابة المفتاح الذهبي الذي فتح الطريق نحو تخفيض السعر، دون إعلان رسمي أو صخب إعلامي.
رسالة للمواطن:
لا تنخدع بإشاعات السوق السوداء ولا تنجر وراء دعوات التذمر..
الواقع يثبت أن هناك قيادة مالية بدأت تفكر بعمق وتتحرك بذكاء، وأن القبضة الحالية ليست قمعًا بل تصحيح لمسار فاسد ظلّ لعقود ينهك البلد والمواطن.
وفي حال استمرت هذه الإجراءات بنفس الحزم والوضوح، فإن أغسطس سيكون أول شهر يسجّل فيه الريال اليمني تحسنًا فعليًا مدعومًا بقرارات واقعية لا مجرد أرقام وهمية.
العبقرية لا تكمن فقط في اتخاذ القرار.. بل في معرفة التوقيت المناسب لاتخاذه.
وحكومة اليوم، رغم كل الانتقادات، بدأت تستعيد زمام السوق بخطوات محسوبة قد تغيّر المعادلة المالية في اليمن إلى الأبد.