"دموع ليست بريئة – الجزء الرابع"
بقلم: صفاء المليح
لم يعد الصمت خيارًا.
بعد تلك الليلة، لم تستطع ريم ولا سمر ولا حنان النوم. الصندوق وما فيه كان يطاردهن في كل لحظة… الصور، الرسائل، الدفتر الغامض، والورقة الأخيرة التي بدت وكأنها موجهة لهن شخصيًا.
وفي صباح اليوم التالي، اجتمعن في بيت ريم، وقررن ما لم يكن سهلًا: مواجهة ليان.
كانت ليان في فناء بيتها، تسقي الزهور وكأنها لا تحمل أي هم. ملامحها هادئة، وعيناها بريئتان كما اعتدن رؤيتهما. لكن ما في قلوب الفتيات كان يغلي.
تقدمت ريم أولًا، قالت بصوت حاد:
– "ليان… لازم نتكلم."
ابتسمت ليان بخفة:
– "خير يا بنات؟ وجوهكم تخوف… في شي؟"
ردت سمر بسرعة:
– "بلا لف ودوران… إحنا عارفين كل شي."
توقفت ليان عن سقي الزهور، وضعت الإبريق بهدوء، ثم التفتت إليهن ببرود:
– "كل شي؟"
قالت حنان:
– "الصور… الرسائل… الدفتر. شفناهم كلهم."
لم يظهر على وجه ليان أي خوف أو ارتباك. بل جلست على الكرسي أمامهن، وقالت ببرود:
– "وأخيرًا… صرتن تعرفن جزءًا صغيرًا بس من حكايتي."
تفاجأت الفتيات من ردها، كانت تتحدث وكأنها من كانت تنتظر هذه اللحظة.
اقتربت ريم منها وسألت:
– "إيش كل هذا يا ليان؟ من الشخص اللي يكتب لك الرسائل؟ وليش كنتي تروحي أماكن ما نعرفها؟"
ضحكت ليان ضحكة قصيرة، ثم قالت:
– "إنتو فعلًا تصدقوا إنكم عرفتوا الحقيقة؟ اللي شفتوه مجرد قشور… إذا قلت لكن كل شي، يمكن ما تقدروا تكملوا تعيشوا هنا أصلاً."
زاد الغموض أكثر. لم تفصح ليان عن شيء محدد، لكنها قالت أخيرًا:
– "في أشياء إذا انكشفت… ما رح تأذيني أنا بس، رح تهز القرية كلها. أنتن مش مستعدات تسمعنها."
تركت الفتيات واقفات في صمت، وابتعدت بخطوات هادئة… وكأنها المتحكمة الوحيدة باللعبة.
وفي أعماقهن، أدركن أن ما عرفنه حتى الآن ليس سوى بداية… وأن السر الحقيقي أكبر بكثير مما يتخيلن.
الرسالة:
بعض الحقائق إذا ظهرت… لا تعيد رسم حياتك فقط، بل تحرق كل شيء من حولك.
✍️ بقلم: صفاء المليح