الشرعية في 2025.. طريق التعافي والبناء

بقلم: عبدالرحمن جناح

شهدت الشرعية اليمنية في عام 2025 تحولًا استراتيجيًا لافتًا، لم يكن وليد الصدفة أو نتاج معجزة عابرة، بل ثمرة جهد تراكمي ممنهج ورؤية واقعية واعية، فقد أدركت القيادة، بقيادة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، أن استعادة الدولة لا يمكن أن تنتظر حسمًا عسكريًا قد يطول أمده، بل تتطلب برنامج عمل عمليًا يستثمر الفرص المتاحة لإصلاح الداخل وترسيخ أركان الحكم.

أولى خطوات هذا التحول كانت الانتقال من منطق انتظار الوعود الدولية إلى الرهان على الذات، عبر إصلاح الداخل وتحسين شروط الحاضر، وقد تجسد ذلك في سد الفراغ القيادي بالعاصمة المؤقتة عدن، وانتظام عمل المؤسسات السيادية ومجلس الوزراء، وتعزيز التنسيق بين جميع مكونات الشرعية.

إصلاحات اقتصادية وبناء مؤسسي، لم يكن لهذا المسار أن ينجح دون إقرار برنامج إصلاحي واقعي، يضع على رأس أولوياته النهوض بالاقتصاد وبناء المؤسسات، وقد برهنت هذه الاستراتيجية على فعاليتها في التعاطي الذكي مع تداعيات نكسة يوليو 2024، إذ تم توظيف العقوبات الأمريكية بوعي لتعزيز السيطرة النقدية للبنك المركزي في عدن وترسيخ مركزه القانوني والمالي.

في هذا الإطار، شكّلت اللقاءات المتكررة لفخامة الرئيس العليمي مع الحكومة ومجلس إدارة البنك المركزي منصة رئيسية لدفع عجلة الإصلاح الاقتصادي، وتنسيق السياسات المالية والنقدية، ومتابعة التنفيذ العملي للخطط التي تهدف إلى استقرار العملة وتحسين الخدمات، وهذه اللقاءات لم تكن مجرد اجتماعات بروتوكولية، بل ورش عمل فاعلة لإزالة المعوقات وضمان تكامل الأداء بين مختلف المؤسسات.

ورغم ما تحقق، فإن التجربة الرائدة في المحافظات المحررة ما زالت أمام امتحان صعب، فمعركة الإصلاح لا ينبغي أن تتوقف، والشعب اليمني لا يزال بحاجة ماسة إلى حلول عاجلة لأزمات الرواتب والكهرباء والخدمات الأساسية، وكما شدد الرئيس العليمي، فإن تأمين مقومات الصمود الشعبي يمثل خط الدفاع الأول أمام محاولات التضييق والانهاك.

أخطر التحديات يتمثل في الحفاظ على وحدة الصف الجمهوري في مواجهة مشاريع الفتنة التي تستهدف التجربة التوافقية للمجلس الرئاسي، ومع تصاعد دعوات الانقسام والتلويح بخيارات تهدد وحدة الوطن، تتعاظم مسؤولية القيادة في تعزيز العمل المؤسسي والتكامل السياسي، والتمسك بالحل الديمقراطي كخيار وحيد لبناء مستقبل مستقر.

ما حققته الشرعية في 2025 ليس نهاية المسار، بل بداية واعدة تثبت أن الإرادة السياسية الواعية والقيادة الحكيمة قادرتان على إحداث تغيير حقيقي حتى في أحلك الظروف. ويبقى نجاح هذه التجربة رهينًا بقدرة الجميع على مواصلة الإصلاح، وتوحيد الصفوف، وحماية المنجزات التي تحققت بفضل النهج الاستراتيجي الجديد، الذي جسدته بوضوح اللقاءات الفاعلة بين الرئيس والحكومة والبنك المركزي، كرافعة أساسية لمسار التعافي الاقتصادي.