ماذا بعد تصريحات النتن ياهو بأنه في ( مهمة تاريخية وروحية ) لتحقيق إسرائيل الكبرى ؟؟؟!!!
بقلم د. سعيد سالم الحرباجي
أجرت القناة ( 24) الإسرائيلية بتاريخ ( 13 / 8 / 2025م لقاءً مطولاً مع النتن ياهو تحدث من خلاله- وبكل صلف - أنه في ( مهمة تاريخية وروحية ) من أجل الشعب اليهودي ، وأنه متمسك برؤية ( إسرائيل الكبرى ) .
وليس بغريب أن يصدر مثل هذا الحديث عن رجل دموي، مجرم ، وذلك كي يبرر أفعاله القبيحة ويكسب تعاطف اليهود في العالم ، واستمرار دعمهم لحملته الظالمة على أهلنا في غزة .
وهذا ما فعله قبله ( بوش الإبن ) في حربه الظالمة على الشعب العراقي عام ( 2003م ) حيث قال وبكل وضوح : " أنه في مهمة من الله لقيادة حملة صليبية ضد الإرهاب" وكان هدفه من هذا....
تبرير القتل بتلك الصورة الوحشية للعراقيين تحت لافتة ( إلهية ) ، وذلك لكسب تعاطف الجمهور المسيحي ، واليهودي ، واستمرار دعمهم لحملته الظالمة.
وحينما وصل ترامب الى سدة الحكم في دورته الأولى قال بصراحة : "أنه في مهمة من الرب، ولاشئ يمكنه إيقاف ما سيحصل"
اليوم( النتن ياهو) يكرر ما قاله أسلافه ، ويسير على خطاهم ، ويعلنها - وبكل قوة - أنه يدير حرباً صليبية مقدسة ضد المسلمين ، وأنه سيحقق حلم اليهود بإقامة دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات ، ومن خلال هذه الرسائل يهدف إلى إيجاد مبررات لاستمرار الحرب على غزة ، وضمان حصوله على تأييد يهود العالم ، ومسيحييه.
ليس هذا ما يهمنا هنا ....
فهذا شأنهم ، وهذه عقائدهم ، وهذا هو نهجهم الإجرامي ، وهذه هي خططهم لاستعمار العالم ، وفرض وجودهم بقوة السلاح .
لكن ما يهمنا اليوم .
أين نحن من هكذا تصريحات فجة يطلقها ذلك الوغد بكل صلف ووقاحة ؟؟!!!
للأسف يتحدث بكل حرية دونما حساب لأحد ، ولا كأن أمامه مليار ونصف المليار من المسلمين !!!!
فأي هوان هذا الهوان الذي أصابنا ؟
وأي ضعف هذا الضعف الذي وصلنا إليه ؟
وأي عار لحق بالأمة حتى عجزت عن حتى مجرد الدعاء للمستضعفين في غزة ؟
اليوم مجرمو اليهود والنصارى، وعلماء دياناتهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، وإعلاميوهم....
كلهم يقفون في خندق واحد ويعلنون - وبكل صراحة - أنهم يقودون حرباً صليبية ضد المسلمين..
فرُغم وضوح راية الحرب ، ورُغم وضوح أهدافها ...إلا أننا نجد أنَّ من أبناء المسلمين من يقف في خندق الصليبيين ، ويدعم هذه الحملة الظالمة على
أهلنا في غزة ، ويحمَّل المقاومة إجرام ( النتن ياهو) .
بل هناك علماء دين مسلمين يرون أنَّ تلك الحرب لا تعنيهم ، بل ويصبون جام غضبهم على المقاومة في غزة .
أما قادتنا معذرة ( أرانبنا ) كما سماهم المتنبي فقال :
أرانب غير أنهم ملوك * مفتحة عيونهم نيام
فهم حرَّاس على حدود إسرائيل ، ومثقفونا مشغولون بالشتم والسب لقادة حماس ، وإعلاميونا يتأففون أن يقولوا عن ضحايا غزة ( أنهم شهداء) ، ولا يجرؤون أن ينقلوا الحقيقية كما هي ، بل ويعملون على الانتقاص من قادة المقاومة ، ويشوهون صورتهم .
هذا - للأسف- هو واقع الأمة الهش الذي جعل ابن اليهودية يتفرعن بهذه الطريقة .
العالم الحر على وجه الكرة الأرضية يتفاعل ، ويتحرك ، ويندد ، ويدعم أهلنا في غزة ...
وفي كثير من دول العالم تتم ملاحقة قادة الاحتلال ، ويتعرضون للإعتقال ، والطرد .
وحكامنا معذرة ( أرانبا ) يستقبلون قادة اليهود بالأحضان ، بل وتحوَّلوا إلى حاجز صد أولي في الدفاع عن إسرائيل ، حتى وصل بهم الأمر أن يعتقلوا من يرفع علم فلسطين ، ويعتبرونها جريمة تودي بصاحبها إلى السجن ، ويمنعون الشعوب مِن أن تتضامن وتخرج في مسيرات ، أو تنظم وقفات ضد الكيان الغاصب.
هذا هو الحال الذي أفرزته أحداث اليوم ..
لكن رُغم مرارته إلا أنَّه يحكي واقع حكامنا الذين أوجدهم النظام العالمي ، ليكونوا جزءاً منه ، ويدافعوا عنه على حساب معاناة شعوبهم .
وهكذا يكشف طوفان الأقصى حقيقية واقع الأمة ويفضح الحكام الذين صدَّعوا رؤوسنا بالشعارات ضد اليهود ، وأزعجوا مسامعنا بالخطابات الرنانة ضد إسرائيل ، وأشاح اللثام
عن تلك العمائم التي تسبح بحمد الطغاة ، وتتلقف الفُتات المتساقط من موائدهم المسمومة .
وفي الوقت ذاته أظهر طوفان الأقصى أنَّ الشعوب العربية والإسلامية لا تزال بخير وأنها محتفظة بأرثها الديني، والأخلاقي وأنٌ لديها القدرة على بناء ذاتها وإعادة إنتاج نفسها مرة أخرى حالما تسنح لها الفرصة .
فلك الله يا غزة ...
لك الله أيتها الأرض الطاهرة التي لا تزالين صامدة ، صابرة رغم خذلان القريب ، والبعيد وأصبحت كثقب مفتوح يلتهم جنود الاحتلال وضباطهم ، وآلياتهم .
فمهلاً أيها ( النتن ياهو) فأمامك رجال يحرصون على الموت أشد من حرصك أنت على الحياة .