حضرموت لا نريد مناكفة هؤلاء.. ولكن!!
على مدى أسابيع، ونحن نتابع هجمات "عيال حضرموت"، وأدعياء الحضرمية من ذباب الانتقالي الجنوبي أو داعميه من الأشقاء في التحالف العربي و ربما خارجه، في رهان منّا على حسّهم القومي الذي لا نظن أنه يجهل قضية حضرموت. وبالتالي، صوابية تبنّي حلف قبائل حضرموت لها، وإجماع شرائح المجتمع الحضرمي الذي بدأ – وبنسبة أعلى مما كان عليه الموقف – قبل تظاهرات سكان كبريات المدن الحضرمية تجاه تخرّصات الانتقالي وبعض مستكتَبيه من الأقلام الحضرمية.
لكن ما زاد الطين بِلّة هو قواهس لا تعرف مقهاستها – بحسب تعريف جدتي سلومة العوبثانية (رحمها الله) – لهؤلاء الذين ابتُليت بهم حضرموت.
أنا هنا لن أنزل إلى مستوى المدعو رائد عبدالله العوبثاني في إسفافه تجاه الشيخ عمرو بن علي بن حبريش، رئيس الحلف والمؤتمر الجامع الحضرمي، التنظيم السياسي الحامل لقضية حضرموت. ولا كذلك تجاه اللواء مبارك حمد بن بكر العوبثاني، قائد قوة حماية حضرموت. فهؤلاء لا يستحقون إلا فتات الانتقالي – ويكفيهم ذلك.
ما يهمني هنا ويدفعني لتناول الموضوع هو ما يكتبه الكاتب خالد محسن الكثيري؛ فهو قلم جاذب للقراءة رغم كذبه، ونهجه نهج أحمد سعيد، بل "القوبلزي" – نسبة إلى غوبلز وزير إعلام هتلر – صاحب القاعدة الشهيرة: اكذب حتى لو لم يصدقك أحد، فربما صدّقتك الدهماء. مع اعتذاري لرماد غوبلز وجرمانيته، لمقارنة أي "حضيرمي" لم يرتقِ إلى حضرميته به.
نعم، هو كاتب.. وقبل هذا وذاك فهو كثيري. وإن كنت لا أعرف من أي فخائذ آل كثير، هذه القبيلة الهمدانية العريقة في عروبتها، والأصيلة في حضرميتها، قبل السلطان بدر بوطويرق مؤسس أقدم سلطنات جنوب الجزيرة العربية على جغرافية حضرموت الطبيعية أو الكبرى.
ومن هذه الأرض خرج الثائر الحضرمي الأمير عبيد بن صالح بن عبدات في أربعينيات القرن المنصرم، لتوحيد حضرموت وتحريرها من موظفي بريطانيا، فالتفت حوله قبائل حضرموت وفي طليعتها الحموم، لكن ثورته أُجهضت بالدبابات والطيران البريطاني، و"بعناصر بنادق للإيجار". وهو ذاته ما فعلته بريطانيا ضد قبائل الحموم، وآل جابر (الهولطلي)، وسيبان – بانهيم، وسيبان الشهيد مليل بأسلوم، والعوابثة بقيادة بالجبلي، وكذا الصيعر. جميع هذه القبائل الحضرمية ثارت وواجهت بريطانيا، فضربتها بالطيران والمدرعات باسم موظفيها بدرجة "سلطان".
ولو استرسلت في استعراض أحداث تلك الثورات ودخلت في تفاصيلها، لاحتجت إلى مئات الصفحات. لكن المهم أن عسكر تلك الحملات هم من أطلق عليهم الإنجليز بنادق للإيجار. ولا أظن الكثيري يجهل ذلك، كما لا أظنه يجهل أن نفسه مرهونة اليوم على نحو لا يقبله إلا دخيل على همدان حضرموت. ولا يعيب آل كثير وجود بعض الدخلاء من العسكر أو غيرهم بعد موقعة تريم بين آل غرامة وآل كثيري.
دون شك، وكما قال قائد بريطاني عن "بنادق للإيجار"، هناك أيضاً أقلام للإيجار. منها المحترمة التي لا تقبل الانحدار إلى الإسفاف والكذب، ومنها ما هو حال الكثيري – خالد – الذي نأمل أن يغادر أساليب التقارير التي تكذّبها الأحداث بعد ساعات من كتابتها، إلى الكتابة السياسية والفكرية، حتى وإن اختلفنا معها.
ليس إعجاباً بأسلوبه فحسب، بل لأن قلمه جدير بما هو أفضل وأكثر. لكي نتجاوز المناكفات، من تناطح الثيران إلى تناطح العقول، وحضرموت جديرة بهذا اليوم، ولا أقول إنها في حاجة إليه أكثر من أي وقت مضى.