ملف الحوالات والحسابات المنسية... أموال ضائعة قد تسهم في تغطية العجز المالي للدولة
طالما وقد بدأ البنك المركزي اليمني في تفعيل دوره الرقابي على البنوك وشركات الصرافة، فإن من الواجب إعادة فتح ملف الحوالات المنسية والحسابات المجمدة، ذلك الملف الذي أُثير سابقاً ثم غاب في زحام الصراعات رغم أنه يحمل في طياته مليارات الريالات ومئات الملايين من العملات الأجنبية.
جميعنا يعلم أن. هناك حوالات مالية داخلية وخارجية لم تصرف منذ سنوات، بعضها لأشخاص فقدوا التواصل أو غادروا البلاد، أو توفوا دون أن يعرف ذويهم عنها شيئاً وربما بعضهم قد يكونون تحت ملاحقات قانونية في بلدان أخرى من جنسيات يمنية وغير يمنية ، بل البعض منهم.ضمن شبكات تهريب أو غسيل أموال وتمويل إرهاب وهناك أيضاً حسابات مجمدة في البنوك لم تحرك منذ زمن طويل ولا يعرف مصير أصحابها.
في كل هذه الحالات، تتصرف بعض شركات الصرافة والبنوك بالأموال وكأنها أموال خاصة بها ، بينما هي في الحقيقة حقوق ضائعة ينبغي أن تخضع للولاية العامة للدولة، لا أن تتحول إلى رصيد سري تستفيد منه جهات تجارية خاصة.
لهذا نقرح أن يتم إلزام شركات الصرافة والبنوك بإشعار أصحاب الحوالات والحسابات المنسية نهاية كل عام، وأن يمنح صاحب الحق مهلة زمنية قانونية (عام مثلاً ) لاستردادها فإن لم يتقدم أحد، يتم تحويل تلك الأموال إلى حساب خاص في البنك المركزي وتدار ضمن أصول الدولة، مع حفظ الحق الكامل لصاحبها أو ورثته في المطالبة بها لاحقاً متى ما ثبت أحقيته في تلك الأموال.
ونؤكد هنا على أهمية أن تشمل إجراءات البنك المركزي أيضا فحص الحسابات الراكدة ضمن البيانات المالية والتقارير الختامية السنوية للبنوك وشركات الصرافة، للتأكد من عدم إخفاء أو تدوير تلك المبالغ خارج نطاق القانون. فهذه التقارير تعد مصدراً رسمياً لإثبات ما لدى تلك المنشآت من أموال غير متحركة وتساعد في اتخاذ الإجراءات النظامية بشأنها.
ويبقى من الواجب على البنك المركزي أن يلزم جميع البنوك وشركات الصرافة بتقديم كشوفات دقيقة بالحسابات الراكدة والحوالات غير المصروفة للسنوات العشر الأخيرة على الأقل، وتدقيقها من قبل لجان متخصصة وحتى من خلال كشف النظام المحاسبي للمطابقة ، وإذا ما تم هذا فعلياً ، فسنكتشف أننا أمام مبالغ ضخمة قد تكون كفيلة بتغطية فجوات السيولة وسد جزء كبير من عجز الدولة.
تلك المبالغ ليست مجرد مبالغ منسية، بل هي فرصة حقيقية لرفد خزينة الدولة بأموال لا بد أن تعود إلى إطارها العام في حال غياب أصحابها، فالأصل في المال هو أن يكون تحت ولاية الدولة ما لم يوجد له صاحب معلوم.
ومن هنا نوجه دعوة للبنك المركزي وللسلطة الرقابية العليا في الدولة لفتح هذا الملف وبكل شفافية، فالسكوت عنه اليوم يعد تفريطاً في مورد مالي مشروع، وتركاً لفساد مستتر تحت غطاء النسيان.