تسييس المساعدات الإنسانية في اليمن.. معاناة المدنيين بين مطرقة الصراع وسندان القيود
تتصاعد التحديات أمام المساعدات الإنسانية في اليمن، مع استمرار تدخل أطراف النزاع في إدارتها وتوزيعها، الأمر الذي قوض فعاليتها وزاد من معاناة المدنيين. فقد باتت الجماعات المسيطرة تفرض قيودًا وإجراءات تعسفية تشمل المراقبة المشددة لعمليات التوزيع، واحتجاز بعض العاملين في المنظمات الإنسانية، وفرض رسوم غير قانونية على الإمدادات، ما أدى إلى تعليق برامج حيوية وتعطيل وصول الدعم إلى الفئات الأكثر ضعفًا.
ولا يقتصر الأمر على المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إذ تشهد أيضًا مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا ممارسات مشابهة، حيث تُسَيَّس المساعدات وتُوجَّه لخدمة مصالح ضيقة، ما ينعكس سلبًا على نزاهة وشمولية العمل الإغاثي. هذه التدخلات المتكررة تكشف عن أزمة عميقة في إدارة المساعدات الإنسانية، وتضع مستقبلها على المحك، خاصة في ظل تفاقم انعدام الأمن الغذائي وانتشار الفقر.
إن إنهاء تسييس المساعدات يستدعي استجابة دولية عاجلة وحاسمة، تقوم على وضع آليات رقابة فعالة تضمن الشفافية والمساءلة، وتمنع استغلال الدعم الإنساني لمكاسب سياسية أو اقتصادية. كما يتطلب الأمر تمكين المنظمات الدولية من الموارد الكافية وحرية الحركة، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بلا تمييز أو عراقيل.
من دون هذه التدابير، ستبقى الأزمة الإنسانية في اليمن عالقة في دائرة مغلقة، مع استمرار تدهور حياة الملايين من المدنيين الذين يدفعون وحدهم ثمن هذا التسييس.