الصندوق الاجتماعي للتنمية... حين يصمد الأمل في وجه العاصفة

في بلد تتقاذفه الأزمات وتتنازعه السلطات، يظل الصندوق الاجتماعي للتنمية واحدًا من آخر الحصون التي لم تسقط. مؤسسة تنموية لا ترفع شعارات ولا تدخل في صراعات، بل تعمل بصمت، وتنجز بصبر، وتبني جسورًا بين اليمنيين والمانحين الدوليين، في وقت سجل الصندوق نجاحاً مشهوداً في ظروف الحرب والسلم و نال ثقة المجتمع والمانحين على حد سواء.
على مدى سنوات الصراع، واجه الصندوق محاولات متكررة لجرّه إلى مربعات السياسة، تارة عبر التدخل في إدارته، وتارة عبر قرارات تهدد حياده واستقلاله. لكنه ظل واقفًا، مدعومًا بثقة المجتمعات المحلية وآلية عمل شفافة ومحايدة، أنجز خلالها عشرات الآلاف من المشاريع في كل مديرية وعزلة، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
ورغم أن سلطتي صنعاء وعدن حاولتا في فترات سابقة المساس باستقلاليته، إلا أن صوت العقل تغلّب، وتراجعت قرارات كانت ستقوّض ما تبقى من مؤسسات الدولة. لكن الرياح لا تهدأ. إذ أصدرت الحكومة الشرعية في عدن مؤخرًا قرارًا مفاجئًا بتكليف قائم بأعمال المدير التنفيذي، تبعه تعميم من البنك المركزي باعتماد توقيعه وإلغاء صلاحيات المدير التنفيذي الرسمي. خطوة أربكت المانحين، فتوقفت التمويلات، وتعثر تنفيذ مئات المشاريع، وتهددت آلاف فرص العمل.
الصندوق الاجتماعي للتنمية ليس مجرد مؤسسة، بل ذاكرة وطنية حيّة، ومشروع أمل في زمن الانهيار. واليوم، يقف على حافة الخطر، بانتظار من يعيد النظر، ويوازن بين الإصلاحات وبين الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات تحظى بثقة الداخل والخارج.
هل من صوت مسؤول يعيد الاعتبار لهذه المؤسسة؟ هل من رؤية تتجاوز الحسابات الضيقة نحو مصلحة وطنية عليا؟ الصندوق لا يطلب امتيازات، بل فقط أن يُترك ليعمل... كما اعتاد أن يفعل، بصمت، وبكرامة.