بناء دولة القانون في الجنوب : هل القيادة على قدر التحدي؟
بقلم: د. مرسي أحمد عبدالله
في خضمّ الصراعات السياسية وتضارب المصالح في جنوبنا الحبيب ، يبرز التساؤل حول مستقبل مشروعنا الوطني ، خاصةً مع بروز بعض قضايا حقوق الإنسان لتُلقي بظلالها على أي حديث عن العدالة والشرعية . إنّ حرصنا على الجنوب وقيادته الوطنية يفرض علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ؛ فالعبرة ليست فقط في تحقيق السيطرة العسكرية ، بل في بناء مؤسسات قادرة على تحقيق العدالة والمساواة للجميع .
ما يُلاحظ في بعض المناطق هو نمط من الممارسات التي تتناقض مع المبادئ التي نؤمن بها ، حيث تطفو على السطح قضايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي ، وإن كان مثل هذه القضايا ناذر حدوثها في الجنوب . إن هذا الواقع يثير مخاوفنا كجنوبيين ، فالفشل في تطبيق العدالة ، أو التراخي في محاسبة المتجاوزين ، لا يضرّ فقط بسمعة القيادة ، بل يُقوّض الثقة في مشروعنا الوطني بأكمله . إننا نؤمن بأن القوة يجب أن تكون حارسة للقانون ، لا أن تكون فوقه .
إنّ هذه الممارسات لا تضرّ بالوضع الداخلي فحسب ، بل تُلحق ضررًا بالغًا بالمشروع السياسي أمام المجتمع الدولي . فلا يمكن لأي طرف أن يطالب بالاعتراف به كشريك موثوق ، بينما تُوثّق المنظمات الحقوقية انتهاكات في مناطق نفوذه . إن التناقض بين الخطاب الذي يُظهر المظلومية ، والواقع الذي يمارس فيه القوة ، يضعف مصداقيتنا جميعًا .
في الختام ، إننا ننظر إلى هذه القضايا بعين الحريص على مستقبل الجنوب . إن الطريق إلى المستقبل المأمول لا يُمكن أن يمر عبر انتهاكات حقوق الإنسان . إنها فرصة تاريخية أمام القيادة الجنوبية لإثبات التزامها بالعدالة وإعطاء الأولوية للحقوق والحريات ، وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم أمام مرآة تعكس صورة لا تختلف كثيرًا عن تلك القوى التي ثار شعبنا ضدها .