غياب التخصص بين الوزراء وأثره على إدارة البلاد

من أبسط قواعد النجاح في الإدارة أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لكن ما يحدث في بلادنا يذهب عكس هذه القاعدة تماماً، فحين يصبح وزير الزراعة لواءً عسكرياً لا يعرف شيئاً عن التربة والريّ والحراثة، وحين يُكلّف وزير الشباب والرياضة شخص لم يمارس الرياضة يوماً ولا يعرف هموم الرياضيين، وحين يتولى وزير التعليم من لا علاقة له بالمعرفة أو العملية التربوية، عندها يكون الفشل نتيجة حتمية لا مفاجأة.

إن الوزارة ليست منصباً تشريفياً ولا جائزة ترضية تُمنح لهذا أو ذاك، بل هي مسؤولية تتطلب علماً وخبرة في المجال نفسه، فوزير الزراعة ينبغي أن يكون مهندساً زراعياً أو خبيراً في الموارد الزراعية، ووزير الشباب والرياضة لا بد أن يكون رياضياً أو إدارياً له باع في خدمة هذا القطاع، وكذلك التعليم والصحة والاقتصاد.

لكننا في واقعنا نعاني من عقلية المحاصصة والمجاملة، حيث يتقدم الولاء على الكفاءة، وتُقدّم الاعتبارات السياسية أو القبلية على حساب التخصص والخبرة، وبهذا المنطق، يصبح المنصب الوزاري مجرد كرسي يُدار من الخارج، لا مؤسسة تعمل لخدمة الناس.

إن النتيجة الطبيعية لهذا الخلل هي ما نراه اليوم: زراعة متدهورة رغم خصوبة الأرض، شباب محبطون رغم طاقاتهم، تعليم متراجع رغم عقول أبنائنا، واقتصاد منهك رغم موارد البلاد. كل ذلك لأن المسؤولين عن هذه القطاعات غرباء عنها، لا يملكون أدوات إدارتها ولا معرفة بآليات تطويرها.

لا سبيل للنهوض إلا بترسيخ مبدأ التخصص، وإعادة الاعتبار لمفهوم الكفاءة، فالوزير يجب أن يكون خادماً للمجال الذي يقوده، لا متسلقاً على كتفيه. فالأمم لا تنهض إلا حين تُدار بعقول خبيرة تعرف الطريق، لا بأهواء أشخاص يبحثون عن المناصب دون أن يحملوا مؤهلاتها.

ودمتم سالمين