كرات البلاستيك الصغيرة تقتل الأسماك وتلوث الشواطئ وتهدد صحة الإنسان

كرات البلاستيك الصغيرة تقتل الأسماك وتلوث الشواطئ وتهدد صحة الإنسان

(أبين الآن) متابعات

خطر التلوث البلاستيكي على البيئة البحرية

شحنات بلا حماية.. كيف تحوّلت كريات البلاستيك إلى كارثة بيئية عالمية؟

تبدو هذه الكريات الصغيرة غير مؤذية، لكنها في الحقيقة من أخطر مصادر التلوث البحري. تُعرف باسم النردلز، وهي حبيبات بلاستيكية بحجم العدس تُستخدم كمادة خام في صناعة معظم المنتجات البلاستيكية. إلا أنه بمجرد تسربها إلى البحر، يصبح من شبه المستحيل استعادتها.

تشير تقديرات منظمة غير ربحية إلى أن نحو 445 ألف طن من هذه الكريات تتسرب سنويًا إلى البيئة عبر مراحل مختلفة من سلسلة إنتاج البلاستيك.

دراسة حديثة قادتها سينيا ريست من المعهد الوطني للموارد المائية بجامعة الدنمارك التقنية، أوضحت أن اختلاط هذه الكريات بالمواد الكيميائية والحطام الناتج عن حوادث الشحن، مثل كارثة غرق السفينة “إكس برس بيرل” قبالة سواحل سريلانكا عام 2021، يهدد النظم البيئية البحرية الدقيقة، وخاصة العوالق الحيوانية التي تمثل قاعدة السلسلة الغذائية في المحيط.

نُشرت الدراسة في دورية Environmental Research.

كيف يصل البلاستيك إلى الأسماك

كيف يصل البلاستيك إلى الأسماك

داخل شرايين بشرية

وأظهرت النتائج أن المواد المنبعثة من الكريات المتسربة تقلل معدلات الفقس، وتزيد من التشوهات والموت بين الكائنات المجهرية، ما ينعكس سلبًا على الثروة السمكية التي يعتمد عليها ملايين البشر.

تلتصق الكريات البلاستيكية بالمواد الكيميائية السامة في مياه البحر، ما يزيد من خطورتها عند ابتلاعها من قبل الأسماك والطيور والسلاحف التي تخطئها للطعام، فيؤدي امتلاء أمعائها بالبلاستيك إلى ضعف النمو والموت في كثير من الأحيان.

ولا يقف الخطر عند الحياة البحرية، إذ كشفت دراسة طبية أن جزيئات البلاستيك الدقيقة وُجدت داخل شرايين بشرية لدى أشخاص خضعوا لجراحات لإزالة انسدادات في الرقبة، وأن وجودها ارتبط بزيادة احتمال الإصابة بالأزمات القلبية أو السكتات الدماغية بمقدار 4.5 مرة.

خطر التلوث البلاستيكي على البيئة البحرية

تفاقم أمراض القلب

ويرى العلماء أن الالتهابات التي تثيرها هذه الجزيئات، إلى جانب المواد الكيميائية والميكروبات التي تحملها، قد تلعب دورًا في تفاقم أمراض القلب.

ويؤكدون أن التعرض لهذه الجزيئات يمكن أن يحدث عبر الطعام البحري، والملح، والمياه، وحتى الهواء في المناطق المزدحمة.

ورغم جسامة المشكلة، فإن كريات البلاستيك ليست مصنفة دوليًا كمواد خطرة بيئيًا ضمن لوائح الأمم المتحدة الخاصة بنقل البضائع الخطرة، ما يسمح بنقلها دون اشتراطات صارمة للتعبئة أو التخزين أو الاستجابة للطوارئ. ونتيجة لذلك، تبقى الموانئ والسواحل عاجزة عن معرفة محتوى الحاويات الغارقة إلا بعد فوات الأوان.

خطر النفايات البلاستيكية على الحياة البحرية

لوائح جديدة تُلزم الشركات باتباع نظام “صفر تسرب”

ويطالب الباحثون بتبني لوائح جديدة تُلزم الشركات باتباع نظام “صفر تسرب”، عبر إغلاق أنظمة النقل، ورصف وتسييج الساحات، وتركيب مصافي على مصارف المياه، وإجراء عمليات تفتيش دورية مستقلة.

كما يجب أن تُلزم السفن بالإفصاح عن شحنات الكريات، وتخزينها في أماكن آمنة داخل العنابر السفلى، مع وضع خطط واضحة للاستجابة في حال وقوع تسرب.

ويؤكد العلماء أن الحل لا يحتاج إلى تقنيات جديدة، بل إلى قواعد شفافة ومساءلة حقيقية، لأن استمرار التعامل مع هذه الكريات كحمولة عادية يعني مزيدًا من الخسائر البيئية والاقتصادية للسواحل والمجتمعات التي تعتمد على الصيد.

فكل تعديل بسيط في طرق التعبئة والنقل يمكن أن يمنع تسرب ملايين الكريات إلى البحر، ويحمي النظم البيئية من بذور بلاستيكية تُزرع على شواطئنا كل يوم.

التلوث البلاستيكي ينهش الكوكب