المقاومة الوطنية بين مسؤولية التحرير وحملات التشوية

منذ انقلاب الميليشيات الحوثية وسيطرتها على العاصمة صنعاء،سقطت العديد من المناطق والمحافظات اليمنية في قبضت المليشيات السلالية، بما في ذلك المخا وذو باب المندب وبقية مديريات الساحل الغربي في محافظتي تعز والحديدة. وعلى الرغم من الأهمية الجغرافية والسياسية والاقتصادية الكبيرة لهذه المناطق، فإن بعض المكونات السياسية، ومعها وسائلها الإعلامية وجيوشها الإلكترونية، التزمت الصمت المريب حيال سيطرة المليشيا الحوثية على الساحل الغربي.


لم نشهد حينها أي حملات سياسية أو إعلامية جادة من قبل هذه المكونات لمهاجمة الميليشيات الحوثية أو التحذير من خطورة بقائها في مناطق شديدة الحساسية كالمخا وذو باب المندب، وهي مناطق تمثل عصباً استراتيجياً لحركة التجارة الدولية وخطوط الملاحة، فضلاً عن تهديدها المباشر للأمن القومي اليمني والعربي، في ظل الدعم الكبير الذي تحظى به الميليشيات من الحرس الثوري الإيراني.


ومع بدء عمليات التحرير التي شاركت فيها المقاومة الوطنية إلى جانب رفاق السلاح في القوات المشتركة، والتي توجت بتحرير العديد من مناطق ومديريات الساحل الغربي بمحافظتي تعز والحديدة، ظهرت بوادر نجاح حقيقي على الأرض. حيث استطاعت المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق محمد عبدالله صالح، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن تقدم نموذجاً متقدماً في إدارة المناطق المحررة، من خلال تثبيت الأمن وتطبيع الحياة، وإعادة بناء المرافق والمنشآت العامة، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.


ولكن، وعلى غير المتوقع، ومع هذا التقدم، تخلت بعض القوى السياسية عن أولوياتها الوطنية، وبدلاً من أن توجه إمكانياتها السياسية والإعلامية لمواصلة معركة التحرير واستكمال مواجهة المليشيا الحوثية، اختارت توجيه سهامها نحو المقاومة الوطنية، والتحريض على قياداتها، في مشهد يثير الكثير من التساؤلات حول طبيعة هذه المواقف وأهدافها الحقيقية.


الغريب في الأمر، أن هذه القوى التي لم تحرك ساكناً يوم كان الساحل الغربي تحت سيطرة الحوثيين، باتت اليوم تنشط بكل طاقتها في مهاجمة الطرف الذي حرر هذه المناطق، بل وتحولت جهودها إلى محاولات لشق الصف الجمهوري، وزرع الفتن بين مكونات المعركة الوطنية، في خدمة مباشرة ومجانية للمشروع الحوثي الإيراني.


ورغم كل هذه الحملات، التزمت قيادة المقاومة الوطنية بأعلى درجات ضبط النفس، وتعاملت مع هذه الاستهدافات بمسؤولية وطنية، وردت على الإساءة بالإحسان، ووجهت جهودها نحو تعزيز وحدة الصف الجمهوري، ومواصلة معركة التحرير والبناء والتنمية في آن معاً.


ويبقى السؤال المشروع

لماذا لا توجه تلك المكونات السياسية جهودها السياسية والإعلامية نحو العدو الحقيقي، أي الميليشيات الحوثية، بدلاً من الانشغال بمهاجمة من يقف في خنادق المواجهة؟

ولماذا تسعى إلى إضعاف الصف الوطني وزرع الشكوك بين مكوناته في مرحلة مصيرية من تاريخ اليمن؟

أليس من الأجدى بل ومن الواجب أن تتكاتف الجهود جميعها في مواجهة المشروع الحوثي الذي يهدد حاضر اليمن ومستقبله؟


إن اللحظة الراهنة لا تحتمل مزيداً من المكايدات السياسية، ولا مجال فيها لتصفية حسابات ضيقة على حساب المعركة الوطنية الكبرى. وعلى كل القوى السياسية أن تستشعر حجم التحدي، وأن تضع الوطن فوق كل اعتبار، وأن تتوقف عن تقديم خدمات مجانية للمليشيات الحوثية، سواء بقصد أو دون قصد.