مصر… القلب النابض للأمة وصمام أمانها في زمن العواصف

بقلم: أ.د. سمير الشرجبي
اكاديمي يمني 

في زمنٍ تاهت فيه البوصلة العربية، بقيت مصر ثابتة الجذور، شامخة الموقف، تؤكد في كل أزمةٍ أنها وطن الأمة من المحيط إلى الخليج. كلما ضاقت الدنيا بشعبٍ عربي، تطلعت الأبصار نحو القاهرة، فلا تتأخر يدها عن العون، ولا تغيب بوصلتها عن درب العروبة والكرامة.

منذ الخمسينيات ومصر حاضرة في قلب كل قضية عربية، تقاتل حين يُنادى للقتال، وتتفاوض بشرفٍ حين يكون السلام هدفًا، لكنها لا تتنازل عن الحق، ولا تساوم على السيادة. جيشها الباسل، المؤسسة العسكرية الأعظم في الشرق الأوسط، ظلّ صمام أمان الأمة، يتسلّح بالعلم والعقيدة والوطنية الخالصة، لا بالولاءات ولا بالسياسات المتقلبة. ومعه جهاز المخابرات المصرية، العيون التي لا تنام، تحمي البلاد وتدير أزمات المنطقة بحكمةٍ ودهاءٍ جعل مصر مركز القرار العربي.

هي مصر عبد الناصر الذي رفع راية التحرر العربي، ومصر السادات الذي أعاد الأرض بالحرب والسلام، ومصر مبارك الذي حافظ على التوازن وسط العواصف، وهي اليوم مصر الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي. وقالها الرئيس بصدق العامل لا الحاكم: "العافي محدش ياكل لقمته" — في إشارة إلى أن من يمتلك القوة والإرادة لا يُنتزع حقه، وأن مصر القوية بجيشها وشعبها لا يمكن أن تُؤخذ منها لقمة أو يُمسّ أمنها. كانت تلك العبارة شعار مرحلة البناء والعزة، حين أعاد الرئيس السيسي بناء جيش وطني قوي، يحمي مصر ومكتسباتها، ويصون كرامتها وحدودها في وجه كل من يتربص بها.

منذ توليه القيادة أعاد بناء الجيش وحرر قراره من قيود السلاح الأمريكي والروسي معًا، متجهًا نحو تنوّع المصادر واستقلال الإرادة، لتصبح مصر من الدول القليلة التي تتسلّح من الشرق والغرب على السواء، وتملك مصانعها الحربية القادرة على دعم ذاتها وقت الحاجة.

ورغم ما يحيط بها من حرائق — حرب السودان، أزمة سد النهضة، انهيار ليبيا، تهديد البحر الأحمر، والتآمر على فلسطين — لم تنكفئ مصر يومًا، بل بنت وعمرت، وحمت حدودها، وحاربت الإرهاب في الداخل والخارج، وأفشلت كل محاولات زعزعة أمنها من قوى الإرهاب والصهيونية والاستعمار وحلفائهم في المنطقة والعالم.

اليوم، كما في أكتوبر 1973، تكتب مصر صفحةً جديدة من التاريخ. من القاهرة انطلقت المبادرات لوقف العدوان على غزة ومنع تهجير أهلها، ومن مصر جاءت كلمة الحق التي أوقفت مشروع تصفية القضية الفلسطينية. وبجهود دبلوماسيتها ومخابراتها وجيشها، نجحت في فرض التهدئة وحماية الشعب الفلسطيني من الإبادة، لتثبت أن من يحفظ الدم العربي لا بد أن يكون مصريًا.

إن كان العالم منصفًا، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي يستحق جائزة نوبل للسلام، ليس بالكلمات، بل بالأفعال التي أوقفت المذابح، وحمت الحدود، وحافظت على توازن المنطقة في زمنٍ سقطت فيه كثير من الموازين.

مصر لم تكن يومًا دولة تبحث عن مجدٍ ذاتي، بل وطنٌ يحمل همّ الأمة كلها، تقاتل حين يُظلم أحد أبنائها العرب، وتبني لتثبت أن العزة لا تُشترى، والسيادة لا تُستعار. وكما انتصرت في السادس من أكتوبر 1973، ها هي اليوم تنتصر مجددًا في التاسع من أكتوبر 2025، بانتصار العقل والحكمة، بانتصار مصر.