14 أكتوبر ملحمة الأرض التي رفضت الاستسلام
من منطلق الشرارة التي أضاءت طريق الأمة من شرارة الرابع عشر من أكتوبر، يتردد صدى صوت الحرية من جديد، صوت لا يشيخ ولا يموت، انطلق مدويًا من جبالنا الشماء وودياننا الأبية، إنها ذكرى الثورة المجيدة، التي لم تكن مجرد حدث عابر في التاريخ، بل هي نقطة تحول مصيرية جسدت إرادة شعب رفض الذل وقرر أن يكسر قيود الهيمنة؛ لقد جثم الاحتلال على هذه الأرض الطاهرة عقوداً طويلة، ممارساً سياسته في القمع والاستغلال، معتقداً أن قوة السلاح كفيلة بطمس الهوية وإخماد العزائم. لكنه لم يدرك أن في الجنوب سرًا كامنًا، سرًا يكمن في قلب كل مواطن، وهو عشق الأرض والكرامة. تحولت السهول والجبال حينها إلى ساحات كفاح، وتشكلت الخلايا الثورية من عامة الناس، فكان النضال تجسيدًا لإيمان الأمة بحقها في تقرير مصيرها.
فالشهداء قناديل تضيء الدرب فعندما نحتفل بأكتوبر، إننا نقف وقفة إجلال وفخر أمام أرواح الشهداء الأبرار، هؤلاء الأبطال ليسوا ذكرى عابرة، بل هم قناديل خالدة تضيء دروبنا نحو المستقبل. لقد اختلطت دماؤهم الزكية بتراب هذا الوطن، وروت شجرة الحرية لتثمر استقلالاً وعزة، الفخر بالشهداء ليس مجرد كلمات، بل هو تجديد للعهد بأن التضحية لم تذهب سدى. هم الذين علمونا أن أغلى ما يملكه الإنسان هو وطنه، وأن الدفاع عن الكرامة لا يقدر بثمن. لقد كانوا هم الصف الأول، وقدموا أعظم دروس في الفداء، مؤكدين أن إرادة الشعب الموحدة لا تقهرها أي قوة مهما كانت عظيمة. إن دماءهم هي وقود العزيمة التي تدفعنا اليوم لمواجهة التحديات ومواصلة المسيرة الوطنية.
رسالة إلى كل جنوبي، توحيد الصفوف هي سر القوة إن إرث ثورة أكتوبر هو إرث العزيمة والتلاحم، فماحققه الأجداد في تلك المرحلة كان بفضل وحدة الصف والتغاضي عن كل ما هو ثانوي في سبيل الهدف الأسمى التحرير والاستقلال.اليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى، يجب أن نستلهم هذه الروح إن التحديات الراهنة، سواء كانت مؤامرات خارجية أو صعوبات داخلية، تستدعي منا أعلى درجات اليقظة والتماسك، لتكن روح أكتوبر هي القوة الدافعة لتجاوز الصعاب يجب أن نتمسك بالثوابت التي ضحى لأجلها الرعيل الأول، وأن نجعل من الوحدة الوطنية الدرع الحصين أمام كل محاولات النيل من استقرار هذا الوطن ومستقبله.
فأيها الجنوبيون أينما حللتم، أنتم اليوم أحفاد ثورة، وورثة مجد، ومسؤولون عن الحفاظ على الأمانة. سِروا على الدرب، بثقة الأبطال وعزيمة الأحرار، فإن مصير هذا الوطن في أياديكم. فليكن المجد والخلود لشعلة أكتوبر، والنصر للإرادة الشعبية التي لا تنكسر.