في ذكرى 14 أكتوبر.. ذاكرة تحرر في ظل سلطات بلا شرعية
تطل علينا الذكرى الثانية والستون لثورة الرابع عشر من اكتوبر للعام 1963م.. واليمن تعيش واحدة من أحلك فصول تاريخها.. بلاد تتنازعها سلطات أمر واقع فقدت الشرعية..وتحولت أحلام التحرر إلى خرائط تمزق لا مشاريع بناء..وبين أحتفال رسمي بارد وواقع مأزوم..يبقى السؤال المُلحّ:ماذا بقي من روح أكتوبر في وطن يتآكله النسيان ؟
ثورة 14 اكتوبر لم تولد من فراغ..بل من تراكم قهر الاستعمار البريطاني على مدى 129عاماً،ومن جرح مفتوح في ذاكرة الجنوب اليمني..منذ أن صعد راجح بن غالب لبوزة الشهيد الأول في جبال ردفان ،ادرك اليمنيون أن زمن الصمت انتهى وأن التحرر ليس بياناً سياسياً بل قراراً بالاستشهاد من أجل كرامة وطن
واجهت الثورة إمبراطورية لاتغيب عنها الشمس ،لابجيشٍ منظم بل بذاكرة لم تخضع استخدمت بريطانيا كل أدواتها شراء الولاءات تقسيم القبائل تكوين محميات عميلة،لكن مشروعها انهار أمام جيل قرر أن يمنح حياته لفداء الوطن لا أن ينتظر شرعية تمنح له عبر متنفذين،وجاء الاستقلال في 30 نوفمبر للعام 1967 تتويجاً لملحمة لم تعرف الهزيمة...
غير أن الثورات بعد النصر تدخل امتحانها الاصعب:صراع المصالح ما إن رحل الاستعمار ،حتى تقاتلت الفصائل وضاعت البوصلة بين الايديولوجيا والحكم ، لكن جوهر أكتوبر بقي نقياً ثورةٌ ولدت من أجل وطن، لا من أجل سلطة
اليوم وبعد 62عاماً يقف اليمن على مفترق سؤال مؤلم:هل خنّا ذاكرة أكتوبر ؟ السلطات المتنازعه تتحدث بأسم الوطن ،لكنها بلا مشروع وطني..تحتفل بالثورة لكنها تمارس نقيضها.. أخطر ما يواجه الثورة ليس العدو الخارجي بل محاولات توظيفها في صراعات الهويات الضيقة...
أكتوبر ليست ذكرى، بل معيار..من يحتفل بها بحق عليه أن يؤمن أن الوطن ليس غنيمة وأن السيادة لا تدار بالولاءات الخارجية الثورة لم تكن حدثاً في الماضي..بل فكرة تحتاج أن تبعث في الحاضر....