صرخة المتقاعدين.. سنوات من العطاء تُقابل بالتجاهل والمعاناة

بقلم: _محفوظ كرامه_

في زوايا النسيان، يعيش آلاف المتقاعدين اليمنيين واقعًا مريرًا لا يليق بتاريخهم ولا بتضحياتهم. رجال ونساء أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن، في ميادين العمل المدني والعسكري، ليجدوا أنفسهم اليوم في مواجهة حياة لا ترحم، ورواتب تقاعدية بالكاد تكفي لشراء احتياجات أسبوع، ناهيك عن شهر كامل.

رواتب لا تواكب الواقع
يتقاضى معظم المتقاعدين رواتب شهرية تتراوح بين 35,000 و40,000 ريال يمني، وهي مبالغ لم تعد تواكب أبسط متطلبات المعيشة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وتدهور القدرة الشرائية. الغذاء، الدواء، الإيجار، والمواصلات أصبحت أحلامًا مؤجلة، فيما يضطر البعض إلى الاستدانة أو انتظار إحسان الأقارب لتأمين لقمة العيش.

معاناة تتفاقم بصمت

لا تقف المعاناة عند حدود الراتب الضئيل، بل تتسع لتشمل تأخر صرف المرتبات في بعض المحافظات، وتعقيد الإجراءات الروتينية في مكاتب البريد، ما يزيد من شعور المتقاعدين بالتهميش والإقصاء. في الوقت الذي يُفترض أن ينعموا فيه بالراحة والكرامة، يجدون أنفسهم في طوابير الانتظار، يلاحقون مستحقاتهم وكأنهم يتسولون حقًا لا منّة.

مطالب عادلة... واستحقاقات مؤجلة
في مذكرة موجهة إلى رئاسة مجلس الوزراء والجهات المعنية، ناشد المتقاعدون بإلحاح إعادة النظر في أوضاعهم، وطرحوا جملة من المطالب العادلة، أبرزها:

- تعديل هيكل الرواتب التقاعدية بما يضمن الحد الأدنى من الكرامة المعيشية.
- تفعيل برامج دعم غذائي وصحي، خاصة في المناطق النائية.
- تسهيل إجراءات صرف المرتبات وتجاوز التعقيدات البيروقراطية.
- إطلاق مبادرة وطنية لتكريم المتقاعدين والاعتراف بدورهم في بناء مؤسسات الدولة.

إن تجاهل هذه الشريحة التي ساهمت في بناء الوطن واستقراره، لا يهدد فقط استقرارهم النفسي والاجتماعي، بل يُعد تقصيرًا أخلاقيًا ومؤسسيًا في حق من خدموا بإخلاص الكرامة لا تُؤجل، والعدالة الاجتماعية لا تُجزأ، والمتقاعدون يستحقون أكثر من مجرد كلمات تعاطف.

فهل ستصغي الجهات المعنية لهذه الصرخة؟ أم سيبقى المتقاعدون أسرى لرواتب لا تسمن ولا تغني من جوع؟