العبودية الفكرية وخطرها على الشعوب ،،
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
هناك فرق بين العبودية الفكرية ، والعبودية الجسدية ..
فالعبودية الجسدية تٌرى ، وتّلمس ، ويمكن أن تكون قيداً يُكسَّر ، أو سجناً يُحطَّم ، وبإمكان ذلك المٌسْتَعَبدُ أن يفكر ألف مرة ومرة في أن يتحرر من تلك العبودية مهما كان شكلها .
أما العبودية الفكرية فهي أشد وجعاً ، وأنكأ جرحاً ، وأفتك خطراً على الشعوب من العبودية الجسدية .
ذلك أنك عندما تستعبد إنساناً فكرياً ...لا تحتاج إلى سجون ، ولا تحتاج إلى معتقلات ، ولا تحتاج إلى قوة عسكر ...
كلما تحتاجه هنا ...فكرة خبيثة تدغدغ بها مشاعر الجماهير ، أو حقيقة راسخة تخاطب بها عواطف البلهاء ، أو قضية عامة مقنعة تعيد من خلالها تشكيل الواقع....
بحيث يبدو الظلم عدلاً ، والاستغلال قدراً ، والطاعة فلاحاً .
عندها يصبح المّسْتَبَدُ شريكاً في استعباده ، بل حارساً يقظاً على سجنه الداخلي ....لأنه يظن أنَّ ذلك الوهم الذي يعيشه هو { الحرية ذاتها } !!!!
هنا يتحقق المعنى العميق للعبودية الفكرية ...
أن يسلب منك وعيك بكونك عبداً!!!
لذلك قيل:" إنَّ الجسد المقيد قد يحلم يوماً بالتحرير ، لكن العقل المُسْتَلبْ لا يحلم إلا بما يخدم سجانه "
إذ أنه لا يحتاج إلى من يذكره بحدوده ...لأن وعيه قد أصبح السياج الذي يحيط به .
وبهذا المعنى للعبودية الفكرية...
لا يُقْمَعُ التمرد لدى المُسْتبَدُ ، ولا تُخْمَدُ جذوة الثوران على الظلم في نفسه ...
بل تُعاد صياغتها في صورة ولاء .
إنها تحول الإنسان إلى نسخة ممسوخة من ذاته ، تعيد إنتاج قيودها كل يوم ...وكأنها ضرورة طبيعية.
وحتى لا يظن بعض المتحذلقين أنَّ هذا مجرد كلام نظري لا يُرقى إلى الحقيقية..
فلينظر إلى زعيم عصابة الحوثي في اليمن ..
فمن خلال فكرة خبيثة ، وقضية جوهرية صاغها في غالب ( المظلومية ) استطاع من خلالها إخضاع الملايين من الرعاع والجهلة والسذج...
فساقهم سوقاً كما يُساق القطيع من الانعام .
فاستعبدهم عبودية فكرية ، فصاروا حماة ، ومناضلين ، ومقاتلين على إبقائهم في حضيرة عبوديته القهرية.... بقناعتهم هم أنفسهم .
فله خيرات البلاد ، وثرواتها ....
ولهم الجوع والفقر والمرض والعوز .
ومع ذلك لديهم القناعة الكاملة في أن يضحوا بأنفسهم لأجله .
ومن يقلب صفحات التاريخ القديم والحديث ....
فسوف يجد تلك العلل القاتلة لإرادة الشعوب ، وكيف استطاع رافعو الشعارات البراقة امتلاك
عقول الناس ، والسيطرة عليها واستعبادها واستغلال سذاجتها !!
وهنا تكمن خطورة العبودية الفكرية .
# صرخة وعي ،،،