حين يتحول البناء إلى رسالة والخرائط إلى حكاية إنسان
ليس كل من حمل لقب "مهندس" يُتقن فن البناء، كما أن ليس كل من رسم خطًا على الورق استطاع أن يُقيم عليه حياة.
ففي زمنٍ تتشابه فيه الوجوه، وتبهت فيه البصمات، يظلّ الإبداع علامةً فارقة لا تخطئها العين، ولا يغفلها القلب.
ومن بين تلك الأسماء التي تشرق في فضاء العمل والإبداع، يبرز اسم المهندس أحمد المحسني — مدير عام المشاريع بوزارة الداخلية — مثالًا نادرًا للتميز والإبداع والرقي .
هو ليس مجرد عقلٍ يفكّر في تفاصيل الحديد والخرائط والأسلاك، بل روحٌ تُهندس الجمال قبل أن تُشيّد البنيان، وتبني بالفكر ما يعجز الحجر عن قوله.
هو الذي ينظر إلى الخراب فيراه بداية، لا نهاية ،يتأمل الفراغ، فيراه وعدًا بمكان عامرٍ بالنبض والحياة.
كل جسر يشيده ليس حديدًا وإسمنتًا فحسب، بل هو وعدٌ بالوَصل، ورمزٌ لتجاوز المسافات التي تفصل بين الناس والآمال.
وكل طريق يرسمه هو ترجمة مادية لحلمٍ بشريٍّ قديم.
هو يعرف أن الخرسانة ستشيخ، وأن الأعمدة ستنحني مع الزمن، لكن ما لا ينهار هو المعنى الذي أقامه بصدق .
المهندس احمد المحسني شاعرٌ بلغةٍ صامتة، قصيدته تُقرأ بالبصر لا بالأذن.
سطوره من أعمدةٍ متوازنةٍ، قوافيه من جسورٍ تربط الضفتين، وإيقاعه من نبض آلةٍ تزرع في الأرض انتظامًا جديدًا.
هو الذي يُعيد تعريف الجمال ليس في الزخرفة، بل في التوازن ،وليس في الارتفاع، بل في الثبات .
يُحارب الهشاشة بالهندسة، والعشوائية بالمنطق، والفراغ بالتصميم.
في كل صباحٍ جديد، حين يرى الحديد يوقن أن دوره ليس فقط أن يرسم و يبني ما يُرى، بل أن يحافظ على ما لا يُرى.
هو ليس مجرد مهندس يرسم الخرائط ويقيم المنشآت، بل هو مهندس للمعنى قبل أن يكون مهندسًا للبناء.
في كل مشروع يشرف عليه، تتجسد الفكرة الإنسانية قبل التصميم الهندسي، وكأنّ العمران في رؤيته ليس جدرانًا تُشيَّد، بل قيمًا تُرفع، ومبادئ تُثبت في أساس كل حجر.
ذكاؤه ليس ضجيجًا، بل وعيٌ هادئ يعرف كيف يلتقط الفكرة من صمتٍ عابر ويحوّلها إلى واقعٍ يليق بالحلم.
شهامتة تصنع الهيبة دون صخب في زمنٍ يلهث فيه كثيرون وراء الضوء، يمشي المهندس المحسني بثباتٍ في الظل، لأن النور الحقيقي يسكن داخله.
وشهامته كذلك ليست موقفًا عابرًا، بل سلوكٌ متجذر في تكوينه، يقف مع الجميع، كبيرًا كان أو صغيرًا، ويرى في كل إنسان قيمة لا تُقاس بالمنصب، بل بما يحمله من صدقٍ في النية وصفاءٍ في القلب.
ما يميز المهندس المحسني أكثر من غيره، أن كرمه لا يُختزل في عطاءٍ ماديّ، بل يتعدّاه إلى كرم الحضور، وسخاء الكلمة، ودفء الموقف. تراه يعطي من وقته، من اهتمامه، من إنسانيته، كأنّ الخير عنده فطرةٌ لا فضلًا، وعادةٌ لا مناسبة.
حين تقترب منه، تدرك أن التواضع لا يقلل من صاحب المكانة، بل يرفعها. رغم انشغالاته ، يظل بسيطًا في تعامله، قريبًا من الناس، يصغي أكثر مما يتحدث، ويُقدّر قبل أن يُحكم لذلك أحبه من عرفه، وقدّره من عمل معه، لأن النفوس النبيلة تُعرَفُ دون أن تُعلن عن نفسها.
الحديث عن المهندس أحمد المحسني هو تأمل في معنى الإنسان حين يرتقي بخلقه قبل إنجازه. فهو نموذجٌ يذكّرنا بأن الإدارة ليست سلطة، بل رسالة، وأن القيادة ليست توجيهًا فقط، بل قدوة، وأن الهندسة ليست بناء جدرانٍ فحسب، بل بناء إنسانٍ يزرع الجمال حيثما مرّ.
وهكذا يبقى المهندس أحمد المحسني شاهدًا حيًّا على أن الفضيلة حين تتجسد في إنسان، تتحول إلى هندسةٍ خفية تُشيّد بداخل القلوب قبل الأبنية.
رسالة لقيادة الدولة
نجاح وتطور الأوطان لا يتحقق بالصدفة، بل بتمكين الكفاءات الوطنية العليا أمثال هؤلاء الوطنيون المتميزون والابتعاد عن الوساطات والمحسوبيات .
نأمل من قيادتنا دعم وتمكين أصحاب الخبرة والعلم والإخلاص، فهم الركيزة الأساسية في بناء وطن مزدهر ومتقدم فالاوطان تتطور عندما تتمكن الكفاءات من المناصب العليا هو الطريق نحو مستقبل أفضل لوطننا..


