مجلس التعاون لدول الخليج العربية: استنهاض الخبرة لتجاوز الأزمة والانهيار
بقلم: د. مرسي احمد عبدالله
تظل الأزمة اليمنية، بشقيها الأمني والاقتصادي، جرحًا نازفًا يستنزف طاقات اليمنيين شمالاً وجنوباً. وفي ظل التحديات المعقدة والتحولات السياسية التي تُنذر بضرورة إيجاد إطار تفاوضي جديد لإنهاء الصراع، يتجه الأمل الكبير لليمنيين نحو العمق الاستراتيجي المتمثل في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
إن حاجة اليمنيين اليوم تجاوزت مرحلة الإغاثة العاجلة؛ هي حاجة ماسة لاستنهاض الهمم والخبرات والكفاءات الموثوقة التي يتمتع بها المجلس لتحقيق قفزة نوعية نحو الأمن والاستقرار الدائم، وتجنب الانزلاق إلى الانهيار الشامل.
الخبرة الخليجية: مفتاح الحلول المستدامة
لا يمكن فصل الاستقرار الأمني عن الاستقرار الاقتصادي، وهنا تبرز القوة لمجلس التعاون الخليجي:
- الكفاءة في الإصلاح المالي: لقد أثبتت دول المجلس قدرتها على إدارة الأزمات المالية وتنفيذ رؤى تنموية طموحة. هذا هو بالضبط ما يحتاجه اليمن اليوم: دعم مالي ضخم ومُشروط بـ إصلاحات هيكلية شفافة في إدارة الإيرادات، لمكافحة الفساد وتثبيت العملة، مما يضمن أن الدعم يولد أثرًا مستدامًا بدلاً من كونه مجرد حلول مسكّنة.
- الخبرة الأمنية واللوجستية: تتطلب إعادة بناء المؤسسات الأمنية في الجنوب، وإرساء دعائم دولة القانون، خبرات تدريبية ولوجستية متقدمة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. يمكن للمجلس أن يكون الضامن الفني لهذه الترتيبات عبر توفير الدعم والتدريب لتوحيد وتأهيل التشكيلات الأمنية تحت قيادة موحدة.
نداء لتفعيل الدور الشامل والضمان المطلق
في ظل الدعوات لإنهاء العمل بالمرجعيات القديمة وتبني إطار جديد، يجب على مجلس التعاون الخليجي أن يؤكد ريادته بـ:
- رعاية الإطار الجديد: استخدام الثقل السياسي لرعاية إطار تفاوضي يتبنى الواقعية السياسية ويعالج القضية الجنوبية كقضية مصيرية مركزية، وليس كقضية مؤجلة.
- ضمان التنفيذ الحاسم: المطلوب اليوم هو الانتقال من مرحلة الوساطة والتسوية المؤقتة إلى مرحلة البناء المشروط والضمان المطلق للتطبيق. يجب أن يكون الدور الخليجي هو القوة الضامنة لتنفيذ الاتفاقيات الجديدة، والربط الحاسم بين الدعم الاقتصادي وتطبيق الإصلاحات والترتيبات الأمنية المتفق عليها.
إن أمل اليمنيين، وخاصة سكان الجنوب الذين يعانون من تدهور الخدمات، كبير جداً في أن يتبنى مجلس التعاون الخليجي دور المهندس والمُنقذ الذي يوظف خبراته وكفاءاته الاستثنائية لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في اليمن، ويعيد هذا البلد إلى مسار التنمية والاستقرار الإقليمي.


