تجديد الصفقة !!
في العام الخامس من الهجرة، وقفت الأحزاب على عتبات المدينة المنورة، ووجوههم مستبشرة، بإنجاز صفقة الغدر، التي ستوقع محمدًا وأصحابه في مصيدة الهزيمة.
دُبر الأمر، وتمت الصفقة بين اليهود والقبائل العربية، ووضعت الخطط لإسقاط الدولة الإسلامية.
اليهود ومن أعالي أسوار حصونهم يراقبون المدينة، ووجوههم فرحة بالإيقاع بين العرب، ورؤية الدماء تتقاطر في ساحة المعركة.
فُرض الحصار على المدينة،وبقيت خطة سلمان الفارسي بحفر الخندق هي التي تَضُم الصحابة، وتواسيهم بعد غدر العروبة والأخوة والدم.
مضت الأيام، والحصار يشتد، والأحزاب واليهود يستمتعون برؤية الجوع والبرد يفتك بالنساء والرضع والشيوخ..، توقفتُ هنيهة وجسمي يرتجف..، أترى المكتوب من القصة يُراد بها غزوة الأحزاب أم يُراد بها حرب غزة؟!.
سكتُ قليلًا، وعدتُ إلى القصة، ونفسي فيها من التساؤلات الكثير !.
وقفتُ وقفة إجلال وتحية، وأنا أنظر إلى الصبر والقوة التي تحلى بها النبي (صلى اللَّه عليه وسلم)، وهؤلاء العظماء من الصحابة وصلابة الإرادة التي رافقت نساء المدينة وحتى الأطفال والشيوخ.
عادت التساؤلات تتلاطم في أمواج تفكيري وهي تتذكر صمود أهل غزة والشموخ الذي لا يفارقهم ومدى مقارنته بصمود هؤلاء !.
أثناء مواصلتي للقصة تذكرت المنافقين، وكيف كان دورهم في نخر الجبهة الصلبة من الداخل.
قرأت كلام أحدهم وهو يسخر من النبي( صلى اللَّه عليه وسلم) ومن كلامه، قائلاً:
( كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط)،.. وقالوا تنصلًا من الجهاد وهربًا منه: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً}.
يا اللَّه ما مدى تشابه القصة مع الأحداث الحاصلة في غزة، وكلام المنافقين والمرجفين وهم يثبطون المجاهدين هناك، بل ويسخرون منهم !.
ربطتُ تفكيري بالماضي والحاضر، وشاهدتُ التطابق العجيب بينهما، وأنا أقرأ القصة وأتذكر الصفقة التي رسمتها القبائل العربية مع اليهود في حصونهم، وصفقة القرن في زماننا، رأيتُ وأنا أنظر إلى الوقائع وتيقنتُ بأن الزمن يعود بنا إلى الوراء وأن رائحة الغدر تلوح في الأرجاء !!.