حضرموت ليست المكلا فقط.. فثمّة سواحل منسية في موسم "البلدة" 

مع بداية موسم "البلدة" الذي تعيشه مدن ساحل حضرموت سنوياً، نُلاحظ أن أغلب التغطيات الإعلامية والمحتوى المرئي على منصات التواصل الاجتماعي تتركّز بشكل كبير في ساحل الستين بمدينة المكلا، وكأنه هو الساحل الوحيد الذي يحتفل بالبلدة، وكأن حضرموت لا تمتلك سواحل أخرى تستحق الزيارة والتوثيق.

ورغم جمال ساحل الستين وروعة تنظيمه، إلا أن التركيز الإعلامي المبالغ فيه عليه دون غيره يُحدث ظلماً واضحاً لبقية السواحل الحضرمية، التي لا تقل جمالاً ولا تنوعاً، بل قد تتفوق في بعض الجوانب الطبيعية والبيئية، وتقدم تجربة "بلدة" أكثر هدوءاً وأماناً وعفوية.

من أبرز هذه السواحل المنسية إعلامياً، ساحل مدينة بروم بمديرية بروم ميفع، الذي يُعد أحد أجمل أربعة شواطئ في اليمن، حسب آراء خبراء بيئيين وسياحيين. يمتاز الساحل بجماله الطبيعي، وهدوئه المثالي للعائلات والزوار، بالإضافة إلى صفاء مياهه ونظافة شاطئه. يحيي أهالي بروم موسم البلدة بعادات واحتفالات شعبية بسيطة، بعيداً عن الزحام والضوضاء، مما يجعله بيئة مثالية للتوثيق والإبداع الإعلامي.

وفي الجهة الشرقية، تتلألأ مدينة الحامي بساحلها الخلاب، الذي لا يزال محافظاً على نقائه وبساطته. الحامي ليست مجرد مدينة ساحلية، بل حكاية من التراث البحري، واحتفالات "البلدة" فيها لها طابع خاص يدمج بين الفرح الشعبي وطقوس البحر. ورغم ذلك، فهي لا تحظى بتغطية كافية، مما يستدعي انتباه الإعلاميين والمؤثرين لتسليط الضوء عليها بعدسة عادلة.

ولا يمكن الحديث عن سواحل حضرموت دون التطرق إلى سواحل الريدة الشرقية وقصيعر، وحتى المناطق الساحلية . فتلك السواحل تتمتع بجمال طبيعي، وخصوصية تامة، وهي ملاذ لكل من يبحث عن الراحة بعيداً عن ضجيج الاحتفالات المركزية. ورغم ما تملكه من مقومات بيئية وسياحية، إلا أنها تعاني من التجاهل الإعلامي شبه الكامل.

حضرموت ليست مدينة، بل محافظة غنية بالمدن الساحلية والكنوز الطبيعية. والبلدة ليست مهرجاناً محصوراً في موقع، بل موسم فرح يحق لكل حضرمي أن يحتفل به في ساحله ومدينته. فلنكن أكثر إنصافاً وعدلاً في التغطية الإعلامية، ولنجعل من عدساتنا جسراً يصل النور إلى كل زاوية من حضرموت، فكل شاطئ في هذه الأرض يستحق أن يُرى ويُذكر.