ما أجمل الصباح 18

كان صباح هذا اليوم جميلا جدا ؛ إذ صنع لدي نشاطا غير مسبوق ، وأنا أمشي على شاطئ البحر ، كان النسيم يندفع نحوي مصحوبا بالبرودة الهادئة ، يجفف العرق ، ويصنع في الجسم ملمسا باردا ، ألذ بكثير من تكييف الهواء الاصطناعي ...

غير أن المزعج في رحلة اليوم الصباحية ، هو خروجي خالي الوفاض ؛ إذ لم يكن في جيبي ولا في مركبتي درهم واحد ، ومع ذلك كنت مطمئن البال ؛ إذ مازالت لدي بطاقة الصراف الآلي ، وأظن أن حسابي مازال عامرا ببضعة آلاف من الريالات التي فقدت قيمتها منذ  زمن ليس بالقريب ، مررت بخمسة فروع بها صراف آلي ، لكنني ما إن أعمد نحو الصراف حاملا بطاقتي في يدي إلا أجده مغلقا ، وبعد أن صرفت مافي مركبتي من الوقود ، استوقفني شخص مسن ، ثم قال : ماذا تريد من الصراف الآلي في هذا الوقت ؟ قلت : أريد قليلا من النقود ؛ لابتياع قنينة ماء ، وكأس من الشاي ، وبضع حبيبات من الخمير ، قال : أولم تعلم يا هذا أن الحاضرة من غير كهرباء ؟ والمصارف عادة مايفتحون بعد الساعة التاسعة صباحا ، عند ذلك فقط تسمع هدير المولدات الخاصة ، وستحصل على مبتغاك ، قلت : ولكن قبل العشرية السوداء كان ذلك متوفرا في أي وقت شئت تجد حاجتك ، قال : كان ، وكان فعل ماض ناقص لم يعد يعمل في راهننا . أفقهت يا هذا ؟ قلت : أجل ، قد فقهت ، وفهمت ، وعلمت ، ولكن غيري الكثير ، مازال لم يفقه ، ولم يفهم ، وما أظنه سوف يعلم !!!