بروتوكول كل شي جاهز... إلا الشيء الوحيد المهم !
في عالم القرارات والإجراءات الحكومية، هناك عبارة سحرية تُستخدم في كل موقف تقريبًا: "كل شيء جاهز، بس باقي..." هذه الجملة تكررت لدرجة أنها أصبحت أغنية رسمية للبيروقراطية، تُرددها المكاتب بكل فخر وكأنها إنجاز عظيم.
تخيل معي المشهد: تسأل عن راتبك في نهاية الشهر، فيبتسم لك المسؤول ابتسامة الواثق ويقول: "كل شي جاهز، بس باقي الفلوس! "حسنا، دعونا نُحلل ذلك منطقيا، إذا لم تكن الفلوس جاهزة، فماذا كان جاهزا؟ الورق؟ الطوابع؟ كوب القهوة على المكتب؟
يبدو أن الاستعداد هنا يشمل كل شيء عدا الشيء الوحيد الذي يهمك فعليًا!
هذا لا ينطبق فقط على الرواتب، بل يتوسع ليشمل كل شيء تقريبا. تسأل عن افتتاح مشروع طال انتظاره، فيخبرونك بكل فخر: "كل شي جاهز، بس باقي التصاريح!" تسأل عن تحسين الخدمات، فيجيبونك: "كل شي جاهز، بس باقي التنفيذ!"
في لعبة "كل شي جاهز... بس باقي" ان تريد استخراج وثيقة؟ "كل شي جاهز، بس باقي الموظف المسؤول في إجازة!" وان تود إنهاء معاملة؟ "كل شي جاهز، بس باقي اللجنة تعقد اجتماعها السنوي وتقرر !"
والأجمل أن هذه العبارة أصبحت عالمية، يمكن أن تستخدمها في حياتك اليومية أيضًا! هل تريد الذهاب في رحلة؟ "كل شي جاهز، بس باقي التذاكر!" هل تخطط لمأدبة ضخمة؟ "كل شي جاهز، بس باقي الطعام!"
إلى متى سنبقى في هذه الدوامة اللطيفة من الجاهزية غير المكتملة؟ ربما يجب أن نعلن رسميًا أن "كل شيء جاهز" أصبح مجرد مصطلح بروتوكولي، لا علاقة له بالحقيقة. مثل الطيبيب اللي يقول " الحالة مستقرة لكن الوفاة طبيعية "
وربما في المستقبل حين تسمع مسؤولا يقول لك: "كل شي جاهز بس باقي..." يمكنك أن ترد عليه بكل هدوء: "إذن لا شيء جاهز!"