وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
يحكى أن قبيلة كبيرة سادت ذات يوم ، وحكمت منطقة ساحلية تمتد من مضيق ملتقى البحرين إلى الحاضرة الجميلة التي تقع على ذلك الخليج المربح ، وبعد حقبة من الزمن ، جرى على هذه القبيلة مايجري على غيرها في هذه الحياة ، التي لايستقر لها قرار ؛ إذ تجدها ترفع قوما وتخفض آخرين ، بل تجدها بين الفينة والفينة في صعود وانحدار . الأمر الذي فاجأ هذه القبيلة ؛ إذ أصبحت ، بين عشية وضحاها ، ديارها العامرة ، وحصونها الحصينة ، ومواضع نفوذها وسيطرتها أثرا بعد عين ، بقي منهم عدد لا يتجاوز أصابع اليد ، ربما كانت الحكمة من ذلك حفظ الاسم وتذكير القصاصين والمؤرخين ، رحل أولئك النفر تحت جنح الظلام إلى جبل منيع ، لعله يحميهم من مطاردة الأعداء ، ويعصمهم من مياه الخليج ، وبعد برهة من الزمن تكاثر القوم ، وانتشروا في المناطق السهلية ، المحيطة بذلك الجبل ، وأصبحوا حكاما لقاطنيها ، كان أحدهم يدعى معيد ، ولما عرف عنه من دماثة الخلق ، وحكمة في التعامل مع الرعية ، ودهاء في الفصل بين نزاعات القوم ، فضلا عما يتمتع به من الحلم والكرم والشجاعة ، في المنطقة السهلية التي تقع جنوب الجبل ، الأمر الذي جعل القوم يجمعون على أن يسوسهم ويتولى أمرهم ويكون على رأسهم ، وامتد الأمر به وبأولاده ثم أحفاده في إدارة شؤون القوم عقودا من الزمن ، وأهم ماكان يميز معيدا وعائلته تمتعهم بالتقوى والورع ومراقبة الخالق .
كعادتها الدنيا لم تترك للقوم حالهم ؛ إذ جاءت الأقدار بقوم أعداء لكل ذي دين وأخلاق ... أعزائي القراء نلتقي في الحلقة القادمة من السردية ...