العالم بحاجة إلى حوكمة دولية بظل الذكاء الأصطناعي.

في خضم السباق المحموم بين القوى العظمى لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يبدو العالم وكأنه يخطو بخطوات واثقة نحو عصر جديد من التقدم، لكنه في الوقت ذاته يقترب من هاوية محتملة لا يمكن التنبؤ بنتائجهافالذكاء الاصطناعي الذي يمثل أعظم إنجاز تقني في التاريخ الحديث، قد يتحول إلى أكبر تهديد وجودي عرفته البشرية.

الخطر لا يكمن في قدرته على أداء المهام المعقدة، بل في قدرته على تطوير ذاته واستقلال قراراته عن الإنسان. ففي حين تسعى الجيوش الكبرى إلى دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمتها التسليحية والاستخباراتية، تتراجع مساحة القرار البشري شيئاً فشيئاً لصالح منظومات رقمية قادرة على التعلم الذاتي واتخاذ القرار اللحظي دون تدخل بشري مباشر.

إن إدخال الذكاء الاصطناعي في إدارة الترسانات النووية يرفع منسوب القلق العالمي إلى أقصى درجاته، إذ يمكن لأي خطأ في الخوارزمية أو قراءة خاطئة لبيانات الرصد أن تشعل حرباً نووية لا تُبقي ولا تذر فالقنابل التي دمرت هيروشيما وناجازاكي، رغم فظاعتها، تبدو اليوم بدائية أمام القدرات النووية الحديثة التي يمكنها نسف الكوكب بأكمله في دقائق.

وفي ظل غياب اتفاق دولي واضح ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، يبقى الخطر قائماً. فالعالم بحاجة إلى حوكمة دولية للتقنية تضع حدوداً واضحة بين التقدم والتهور، وتضمن أن تظل السيطرة النهائية في يد الإنسان لا الخوارزميةإن الذكاء الاصطناعي، إن تُرك بلا ضوابط، قد لا يكتفي بتغيير شكل العالم، بل ربما يضع حداً لوجوده.