وساطة للعمل.. في زمن المعكوس!

بقلم: علي هادي الأصحري

في واقعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ولا عرفتها أي دولة في هذا العالم إلا في اليمن
تُقلب فيها الموازين وتُخرق كل القواعد حتى أصبحت الوساطة وسيلة للعودة إلى العمل وليس للتهرب منه.

حدّثني ابن عمي بمرارة قائلاً  
«كنا نعرف أن الوساطات تُقدم لقادة الألوية والمعسكرات كي يسمحوا لبعض الأفراد بالبقاء في منازلهم مقابل أن يتسلّموا نصف راتبهم دون دوام. هذه أصبحت ظاهرة مألوفة في ظل الفوضى. ولكن الجديد والمُضحك المُبكي أن أخي  الذي كان يتقاضى نصف راتبه وهو جالس في البيت  قرر أن يعود للعمل وذهب لضابط يتوسّط له ليعود إلى المعسكر. فرفض القائد.

نعم، رفض القائد عودة الجندي إلى دوامه لأنه ببساطة لم يعد يرغب برؤيته في المعسكر طالما أنه يُدرّ عليه فائدة دون عناء.

هذه ليست نكتة بل حقيقة مريرة تُجسّد حجم الانحدار الإداري والعسكري في مؤسسات يفترض أن تكون عنواناً للانضباط والالتزام.

فأي منطق هذا؟
أن يحتاج الجندي إلى وساطة كي يؤدي عمله لا ليتهرب منه؟

إن بعض القادة يستفيدون من غياب الجنود فيُصرف لهم النثريات والرواتب كاملة ثم يقومون باقتطاع ما يشاؤون في صفقات فساد تفتك بما تبقى من كرامة مؤسساتنا.

الحديث هنا ليس عن شخص أو حالة فردية بل عن ظاهرة غريبة ومريبة تتطلب وقفة جادة من الجميع.

وإن لم يُحاسب من يُمارس هذا العبث فإننا سنستمر في دوامة الانهيار وستتحول الوساطة من وسيلة للتعيين أو التغيب إلى وسيلة لحق العودة إلى الوظيفة.

*فإلى متى الصمت؟
هل كُتب علينا أن نرى العجائب ونصمت أم أن الوقت حان لنصرخ كفى عبثاً