عندما تصبح السلطة شركة للربح، يختفي حب الوطن

بقلم: حسين السليماني الحنشي

عندما يدرك الشعب أن دولته تُدار لمصلحة فئة معينة وليس لمصلحة الأمة، يصبح الفرد غير قادر على التضحية من أجل الوطن، بل يسعى لتحقيق مصلحته الشخصية، وهو أمر طبيعي فرضته عليه السلطة القائمة التي يعاني منها الوطن.

إن اللحظة التاريخية التي يمر بها وطننا، والانكسار الجماعي في معظم فئات الشعب، تكشف أن الدولة أصبحت أداة لخدمة القلة المتسلطة، وليس لخدمة الشعب الذي تُرك ليعاني، مما أدى إلى فقدان الثقة في الدولة التي بُنيت عليها الثورات، والتي تجسد فيها الشعب معنى التضحية والفداء من أجل وطن يسعى للعدالة والمساواة.

لكن المؤسف أن الوطن تحول إلى شركة خاصة تتقاسم أرباحها النخبة المتسلطة، تاركة الشعب يعاني دون أي اهتمام من السلطة، فلم يعد الحكم جامعًا للجميع، بل أصبح يمنع الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما جعله فاقدًا للشرعية.

وبذلك فقد المواطن انتماءه ورمزيته للوطن، وانطفأ حب الوطن في قلوب الناس، فلم يعد هناك من هو مستعد للتضحية من أجله، لأن الدماء لا تُسفك من أجل أوطان تُستغل، بل تُسفك من أجل قيم يتشاركها الجميع.

عندما يكتشف المواطن أن الشعارات الوطنية ليست سوى غطاء لمصالح خاصة لفئة معينة، يتحول الوفاء إلى إنكار والإخلاص إلى عدم مبالاة، حيث تصبح قضايا الشعب بلا أهمية لدى النخبة.

وبذلك، لا يبقى أمام الشعب سوى الصراع من أجل مصلحته الخاصة، وعندما تفقد النخب الحاكمة سلطتها، تطلق التحذيرات مثل "أنا ومن بعدي الطوفان" حتى لو كان ذلك على حساب خراب الأمة بأكملها، مما يؤدي إلى انهيار الدولة من جذورها.

فإذا انهارت الدولة، يصبح الوطن مجرد مسرحية تُدار فيها لعبة السلطة المزعومة باسم الشعب، بينما يعيش الناس في وطن مزيف ووهمي؛ لأن الشعارات الوطنية التي ترفعها النخب الحاكمة لا تعكس الواقع الحقيقي للوطن. وهنا ينطفئ حب الوطن!