«أبين… الكنز المفقود»

في الجنوب اليمني حيث تتعانق الجبال بالبحر وتفوح رائحة الأرض بعبق التاريخ تقف محافظة أبين شامخةً كعروسٍ يتغافل العالم عن جمالها  وكأنها كنزٌ ثمين طمرته الأيام ولم يكتشفه الكثير بعد. أبين ليست مجرد محافظة؛ إنها روح المكان وذاكرة الجغرافيا ودفء الإنسان.

في أبين طبيعة تخطف الأبصارتتعدد اللوحات الطبيعية بين السواحل الممتدة التي يلامس فيها البحر رمالًا ناعمة بلون الذهب والسهول الخصبة التي تحتضن المواسم المختلفة بكرم الأرض.

تغفو الأودية على صدور الجبال وتنساب مياهها العذبة رقراقة كأنها تغني لحياة جديدة. مجاري المياه في أبين ليست مجرد مصدر ارتواء بل قصة جمال تسري بين القرى تبعث في الروح انتعاشًا يصعب وصفه.

أبين أرضٌ إذا زُرعت أثمرت أرض  زراعية بامتياز؛ تزرع الخير وتمنحه بلا تردد. من أشجار المانجو التي اشتهرت بها إلى محاصيل القطن والسمسم والقمح  تبدو المحافظة وكأنها سلة غذاءٍ تنتظر من يستثمرها حق الاستثمار.
تربة أبين تحمل في ثناياها سر الحياة وتستجيب لكل يد تعمل وكل فكرة تنتج.
لا تُختصر أبين في مدينة أو وادٍ أو سهل؛ اتساع المكان… وثراء الإمكان إنها مساحات مترامية تكفي لتكون موطنًا للنهضة الزراعية والسياحية والاستثمارية.
بسواحلها الطويلة وطرقها المفتوحة وهبات الطبيعة فيها تبدو أبين وكأنها تقول للعالم:
“هنا مستقبل ينتظر من يكتبه.”

قلوب أهلها… نماذج نقية للإنسان اليمني جمال أبين لا يكتمل دون الحديث عن أهلها؛ أولئك الذين يحملون صدورًا بيضاء وقلوبًا مطمئنة. البساطة في التعامل، الكرم في الضيافة، الشهامة في المواقف، كلها صفات متجذرة في أبنائها.
من يزور أبين يدرك أن أعظم كنوزها هو الإنسان قبل المكان.

حين تتذوق مياه أبين العذبة، تشعر وكأنك تشرب من موردٍ سماويّ. مياهها تتدفق من عيون طبيعية تحمل نقاءً يفوق الوصف، وتنعكس على ملامح الحياة اليومية، فتزيدها حيوية وخصوبة.
أبين ليست فقط خضراء بزراعتها، بل نقية بمائها، نقية بأهلها، نقية بسمائها.

لماذا تُعد أبين كنزًا مفقودًا؟

لأنها تمتلك كل المقومات ولا تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام.
لأنها قادرة على أن تكون رافدًا اقتصاديًا وزراعيًا وسياحيًا يغيّر وجه اليمن.
ولأن الجمال الكامن فيها يحتاج فقط لمن يزيح الغبار عنه، ويقدّمه للعالم كما يجب.

ختامًا… أبين ليست حكاية تُروى… بل حقيقة يجب أن تُكتشف.
هي الكنز المفقود الذي يبحث عن منقّبي الجمال، وعن أولئك الذين يؤمنون أن الأرض إذا أُحبّت أزهرت، وأن الإنسان إذا احتُرم أبدع.
أبين… ستبقى مصدر إلهامٍ، ومسرحًا لجمالٍ لا يبهت، وموطنًا لكل حلمٍ يريد أن يكبر.