بلاد تقف على الحافة: حضرموت تنذر الجميع ومسؤولية الإنقاذ بيد القيادة
على وقع ما تشهده حضرموت من توترات متسارعة، وفي قلب واقع يزداد تعقيدًا شمالًا وجنوبًا، تقف البلاد أمام مشهد يمني مضطرب بطبيعته، مثقل بالتحديات، محاصر بتعدد مراكز القرار، وغارق في أزمات لم تعد تتحمل مزيدًا من الصدمات. في هذا المناخ المتوتر، تبدو الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى إلى قيادات تمتلك الحكمة والشجاعة لإطفاء الحرائق بدل إدارتها أو ترحيلها كما جرت العادة.
البلاد اليوم في أمسّ الحاجة إلى صوت دولة يعلو فوق الضجيج، وإلى قرار مسؤول يضع حدًا لشرارات الصراع والاحتقان، لا أن يسمح لها بالتمدد والانتشار. وعلى القيادات الممسكة بمفاصل القرار في مجلس القيادة الرئاسي، والمؤسسات الدستورية من تشريعية وتنفيذية واستشارية، أن ترتقي إلى مستوى اللحظة، وأن تستشعر واجبها في الحفاظ على النسيج الوطني ومنع الانزلاق نحو صراعات جديدة قد تكون أكثر فتكًا من كل ما سبق.
فالناس سئمت الفوضى والارتجال والاصطفافات الضيقة، وتعبت من مشهد تتكرر فيه الأخطاء ذاتها، بينما تتكدس فوق كاهل المواطن أعباء الحرب والمعيشة والقلق اليومي. إن إدارة الأزمات لا تكون بإشعال ساحات جديدة ولا بتغذية خطوط التماس، وإنما بفتح نوافذ للحلول والتسويات الممكنة، وصناعة مساحات تهدئة تسمح بالعودة إلى المسار الوطني.
وما تشهده حضرموت اليوم، كما شهدته مناطق متعددة في فترات سابقة، يشير بوضوح إلى أن البلاد لم تعد تحتمل تجارب إضافية، ولا مقايضات جديدة فوق ركام الحرب ومعاناة الناس. فالأوضاع في المحافظة تقف على حافة خيارات صعبة، تتطلب معالجات شجاعة تتجاوز الحسابات القديمة التي أنهكت اليمن وأوصلته إلى هذا المنعطف الخطير.
وإن غاب الخيار الوطني وحضور الدولة في مواجهة هذه التحديات، فإن خيارات بديلة ستتزاحم في الفراغ، ولن تكون بأي حال في خدمة الاستقرار ولا تطلعات الشعب. لذلك نقول للقيادات اليمنية، وبوضوح لا يحتمل التأويل: اعملوا على الأقل للحفاظ على توازن المشهد السياسي والاجتماعي، إلى أن تعبر البلاد محنتها الراهنة وتصل إلى برّ الأمان.
إن حضرموت اليوم ليست مجرد تفصيل محلي، بل جرس إنذار وطني شامل، يضع القيادة أمام مسؤوليتها التاريخية: إما أن تكون جزءًا من الحل، أو جزءًا من المشكلة.


