توظيف النباتات الطبية في اليمن في الصناعات الدوائية
وجدت في مجموعة "الجمعية الوطنية للبحث العلمي"، التي أسسها ويرأسها العزيز علينا والقريب إلى قلوبنا "د. مهندس ثابت العزب" دعوة "الهيئة العامة للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية" ممثلة بمركزها الرئيس بعدن إلى حضور سلسلة محاضرات بعنوان "الآفاق والتحديات أمام توظيف النباتات الطبية المحلية في الصناعات الدوائية الوطنية -كيف ومن أين نبدأ". وقد شدني فضولي المفرط للوقوف على هذه الدعوة الكريمة وفكرت بالحضور؛ للاستفادة، غير أن الظروف ليست مواتية، وبقي الأمر يجول ويصول بعتاده في خاطري؛ مما دفعني إلى كتابة هذه المقالة شبه الإدارية مؤملا الإسهام الطوعي وفي وضع خطوط خارطة طريق لهذه الصناعة، ورغم أنها متواضعة؛ إلا أنني أرجو أن تكون نافعة، والمؤمن لا يألوا عن جهد يستطيعه في خدمة العباد والبلاد، ويبذل كل ما لديه من خير ليرسخ في ميزان حسناته، ولا يموت مثقلا به ليسأل عنه يوم القيامة: لمَ أنعم الله عليه بتعليمه، ولم يقم بحق هذه النعمة؟ وقد قال -تعالى-:
{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].
وأجل نعم الله وأعظمها نعمة التعليم والتفهيم! قال -تعالى-:
{عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5].
وأداء حق هذه النعمة؛ إنما هو البيان، الذي امتن الرحمٰن -تعالى- بتعليمنا إياه؛ فقال:
{عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 4].
وتبيانا لذلك؛ نقول مستعينين بالله الرحمن الرحيم:
تعد بلادنا الحبيبة غنية بالتنوع الحيوي النباتي؛ إذ تزخر أراضيه المتعددة المناخ والتضاريس بالعديد من الأنواع النباتية ذات الخصائص الطبية والعلاجية المهمة. هذا الثروة تشكل فرصة كبيرة لتطوير الصناعات الدوائية في اليمن من خلال استغلال هذه النباتات والمُرَكَّبات الفعّالة التي تحتويها.
في هذه المقالة، سنحاول التطرق إلى الآفاق والفرص المتاحة لتوظيف نباتات بلادنا الطبية في الصناعات الدوائية، وسنقوم بتحليل واقع هذا التوظيف باستخدام أسلوب تحليل سوات (SWOT)، ثم بيان كيفية البداية ومن أين.
☆ أولا: الآفاق:
تمتلك بلادنا إمكانات هائلة لتطوير صناعة دوائية قائمة على استخدام النباتات الطبية المحلية، التي تزخر بها بتنوع كبير، ويقدر عدد الأنواع النباتية الموجودة حوالي 3,600 نوع، منها حوالي 1000 نوع معروف بخصائصه الطبية والصيدلانية. هذا الثروة تشكل فرصة مهمة لتطوير منتجات دوائية جديدة من مركبات نباتية فعالة. وهناك اقبال عالمي متزايد على المنتجات الطبيعية والعلاجات البديلة، مما قد يوفر سوقًا واعدة للمنتجات الدوائية المستخلصة من نباتات بلادنا.
☆ ثانيا: تحليل واقع هذا التوظيف باستخدام تحليل سوات (SWOT):
نقاط القوة:
- تنوع كبير في الأنواع النباتية الطبية المحلية.
- وجود تراث طبي شعبي ومعرفة تقليدية حول استخدامات النباتات الطبية.
- توفر موارد طبيعية وبيئية مناسبة لزراعة وإنتاج النباتات الطبية
نقاط الضعف:
- قلة البحوث والدراسات العلمية المتخصصة في استخراج وتطوير المركبات الفعالة من النباتات المحلية.
- ضعف البنية التحتية والتجهيزات المختبرية اللازمة لعمليات الفحص والتحليل والإنتاج.
- نقص في الكوادر المؤهلة والمدربة في مجال الصناعات الدوائية الطبيعية.
الفرص:
- الاهتمام المتزايد عالميًا بالمنتجات الطبيعية والعلاجات البديلة.
- وجود فرص للتعاون والشراكات مع الجهات البحثية والصناعية على المستوى الإقليمي والدولي.
- دعم الحكومة اليمنية المفترض لتطوير الصناعات القائمة على الموارد الطبيعية.
التهديدات:
- المنافسة من الدول المتقدمة في مجال الصناعات الدوائية التقليدية والطبيعية.
- عدم الاستقرار السياسي والأمني والذي قد يؤثر على استمرارية الإنتاج والتصدير.
- تحديات الحصول على التمويل اللازم لتطوير البحوث والبنية التحتية.
☆ ثالثا: كيفية البداية ومن أين:
للبدء في توظيف النباتات الطبيعية في الصناعات الدوائية؛ يمكن اتخاذ الخطوات التالية:
- إجراء مسوح ميدانية شاملة لحصر وتصنيف الأنواع النباتية الطبية المتوفرة في اليمن، مع توثيق استخداماتها التقليدية.
- إنشاء قاعدة بيانات متقدمة لها على برنامج "أكسس أوفيس" مسهلة لعملية التحليل والبحث والاستنتاج...
- تكثيف البحوث والدراسات العلمية لفحص وتحليل المركّبات الكيميائية الفعّالة في هذه النباتات، وتطوير طرق استخراجها وتنقيتها.
- بناء القدرات البشرية من خلال برامج تدريبية متخصصة في مجالات الكيمياء الحيوية، الصيدلة الطبيعية، وهندسة الإنتاج الدوائي.
- إنشاء مختبرات وتجهيزات متطورة لأغراض البحث والتطوير والإنتاج في مجال المستحضرات الدوائية الطبيعية.
- تطوير شراكات واتفاقيات تعاون مع مراكز البحوث والجامعات والشركات العالمية الرائدة في مجال الصناعات الدوائية الطبيعية.
- دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجال زراعة وإنتاج النباتات الطبية، واستخراج المركبات الفعالة منها.
- تعزيز التسويق والترويج للمنتجات الدوائية الطبيعية اليمنية في الأسواق المحلية والعالمية.
☆ الاستنتاج:
- تمتلك بلادنا ثروة طبيعية هائلة من النباتات الطبية التي يمكن توظيفها في تطوير صناعة دوائية قوية وقائمة على الموارد المحلية.
- لتحقيق هذا الهدف، يجب العمل على تكثيف الجهود البحثية والتطويرية، وبناء البنية التحتية والكفاءات اللازمة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات والتسويق.
- الاستفادة الفعالة من هذه الثروة الطبيعية ستكون -بإذن الله- لها أثر كبير على تعزيز القطاع الصحي والاقتصادي في اليمن.
والله تعالى أعلم!
وحفظ الله الجميع!