أحمد مهدي سالم يكتب.. ولسَّه بحلم بيوم
(أبين الآن) خاص
تنداح في سماء ذاكرتي لقطات من فيوض تجاربنا العاطفية والثقافية في السنين المنصرمة من عمرنا.. أتذكر المسلسل المصري: " ولسَّه بحلم بيوم " الذي يعلمك كيف تجتهد وتحلم.. الخيال مهم لأنه يساعد على في المحصلة الأخيرة على صنع الإنجاز.
وكنا، ولا نزال، نحلم بتحقيق حلم استعادة دولتنا الجنوبية من براثن الظلم والطغيان، ونتحمل ونكابد، ونقدم قوافل من التضحيات الجسيمة لتعبيد طريق الحرية لنيل استقلالنا الثاني الذي من أجله كم عانينا ونعاني..
قالتها قيادة المجلس الانتقالي بثقة وعزيمة وإصرار: لا تراجع حتى ننال استقلالنا، ولا يهم ركام الصعاب، أو شراسة التحديات..
وفي اعتصام زنجبار كل يوم نشاط جديد وشكل جديد بقيادة الأخ القيادي سمير الحييد الذي جاء اختياره لقيادة انتقالي أبين كضربة معلم، ومعه طاقمه الذي أعاد تفعيله فأظهر نشاطات عديدة، ونجاحات كثيرة.. تجد الناس، الفعاليات، المكونات كل يوم تزحف إلى ساحة الاعتصام بنفوس مليئة بالحماس، وملامح تفيض وتنطق البشرى منها وهي تتصافح مع الوجوه الأخرى التي سلكت درب النضال نفسه، فيتعانق اثنان أو ثلاثة ربما جمعتهم خيمة في ساحة العروض في خورمكسر، وتلتقي مجموعة تراها في غاية الانسجام، وقد وحَّدتها ذكريات السجن، أو مطاردات الأمن المركزي لهم ذات يوم..
إدارة الاعتصام تعرف عملها جيِّدًا.. ترحب، تتواصل..تبتكر أفكارًا.. تنسق.. في المخيم تلتقي الكلمة الحماسية مع النغم الوطني الهادر.. مع الهتاف الجماهيري القوي، وتتفاعل مع المداخلة السياسية، والمحاضرة التوعوية، وتنساب المشاعر الوطنية بل تتأجج أكثر مع القصائد الوطنية الجزيلة التي تجسد لك حلم الجنوب، وقد بدا قريبًا.. أقرب من حبل الوريد..
أمَّا وجود العنصر النسائي فقد أضفى على المكان لمسة جمالية، ومشاعر احتفائية، وهواجس نضالية، وقوة معنوية، وكذلك كانت مكانة المرأة في رحلة سفر الجنوب.. الأخت والرفيقة، والطبيبة، والمهندسة، والمعلمة، والمزارعة، والقاضية، والمحامية، والإدارية.. صدق من قال: إذا علمت ولدًا فقد علَّمت فردًا، وإذا علَّمت أُمَّة.
كل يوم تأتي أفواج متفاعلةً مع الحدث، و تحلم بعودة الجنوب.. بحياة كريمة خالية من العسف والاضطهاد..، وتندمج مع كل المجاميع الموجودة في تشكيل مجتمعي جميل يشي بتوحيد الصف، وتمتين الجسور التي سيمر عليها كل العابرين على ضفة العزم والحلم إلى عوالم صافية من أدران القذارات، وسياط الإملاءات، وبطش السياسات العقابية على الشعب في مرتباته وكهربائه ونفطه وغازه وسائر خدماته حتى وصل أو اقترب من الموت البطيء لولا بروز المجلس الانتقالي كقوة جنوبية.. ككتلة صلبة أعادت إليه الأمل، وحمته من تسارع الانهيار، وأبرزت أن الجنوب عائد اليوم، أو غدًا مهما كره الكارهون، وتقولَّ المتقوَّلون.


