جرسيهم (2) وبارادايم كل إنسان

الفنان (زويكس) رسام يوناني مشهور جدا

 كان يرسم لوحات رائعة ويمتلك قدرة عجيبة في تقليد ورسم الحياة الساكنة  في الطبيعة فلوحاته عميقة وناطقة وكان بعضها سرياليا ،كانت كلها إبداع

لم تكن لوحاته تحدث ضجة كبرى على الرغم من روعتها وابداعها فللناس ثقافات وأمزجة واهواء وتراكمات مختلفة 
فلكل انسان (بارادايمه) الخاص به الذي شكلته أحوال معينة وظروف خاصة.
في مرة من المرات دخل زويكس مسابقة رسم 
في المسابقة رسم زويكس عناقيد للعنب بتفاصيل معفدة ومفصلة ودقيقة  وكأنها عناقيد عنب حقيقية واقعية، بل كانت العناقيد مغرية لدرجة أنها خدعت الطيور فحطت الطيور على اللوحة لتأكل حبات من عن العنب .

لاحظ المحللون النفسيون
بعد دراسات أن الرسامين ولوحاتهم تكشف لنا جانبا مثيرا من الفهم والادراك بين البشر ، وثقافاتهم ومفاهيمهم واحوالهم .
فمثلا رسم لوحة عناقيد العنب جذبت العصافير والحيوانات بصورة سطحية تلقائية ، ولكن للبشر
أفكار خفية  وتصورت مختلفة شكلتها أحوال مختلفة (تراكمات) ولكل منهم رأيه بحسب فهمه.

الأسبوع الماضي كتبت موضوعا عنوانه (جرسيهم يا أستاذة ) تناولت 
 قصة واقعية حدثت أمامي في المنصورة  عن فتيات تعرضن للتنمر في أحد الشوارع وكيف كانت ردة فعل مربية ومديرة مدرسة ومحاولتها التقاط صورة للشباب من تلفونها  وكيف خاف الشباب منها وهروبهم  للشوارع الداخلية ،
 طبعا خوفا من الأستاذة والفضيحة .

أوضحت فكرة عن معنى عقوبة التجريس وكيف كانت عقوبة عرفية قديمة، وكيف ممكن التعامل معها في عصرنا الراهن من دون استعمال الحمير.
وتذكرت قصة واقعية حصلت معي  في مدة دراستي في الثانوية وكيف كانت عقوبة المديرة حينها
من خلال التجريس . 
وقد اسميت الموضوع (جرسيهم يا أستاذة )

كان للموضوع أثر ووقع على القراء 
فالنص كان  لغويا وأدبيا  فهو كتلة لغوية سيقرؤه الناس بمفهومات مختلفة مثل اللوحات المرسومة لزويكس كل بحسب مفهوماته وتراكماته

فالمديرة المقصودة عرفت بالأمر وقرأته من الصحف والمواقع، وقالت سيفهمك الناس كل بحسب ثقافاته  المختلفة فبذلك أوجزت الفكرة التي أعرفها جيدا عن الإنسان القارئ 
وتأثره وفهمه بحسب ما شكلته من أحوال وظروف مختلفة .
وفعلا حصل ما توقعته .

مثلا  الدكتور ياسركون فكرة قال:  جميل أن الشباب هربوا من الأستاذة خوفا لاتزال الدنيا في خير أن يخشى الطالب من مديرته خارج المدرسة  . 

الأستاذة الفلانية عقبت أخذت جانب معينا من القصة وقالت : أيش هذا البلاد مفلتة لافين البلاد رايحة البلاد ضاعت ، 

المديرة حنان حللت الموضوع وتأثرت بذكريات الماضي وأننا لازم نحارب مثل هذه الظواهر وكان  تحليلها أدبيا راقيا عن الزمان والمكان والوقائع وكأنها تناقش رسالة علمية، ،
الأستاذ الشيخ فلان قال أحب هذا النوع من القصص والأفكار  لأنها من الواقع .
صديقي القاضي المحترم جدا ابن عدن حضرموت  تأثركثيرا بالموضوع وعاد للماضي وتذكر واقعة حدثت له وهو يدرس في ثانوية الجلاء وأعاد الشريط للماضي وذكريات الماضي وكيف أثرت به الذكريات وأصبح قاضيا كبيرا معروفا ،
الوزير الفلاني
المتصالح مع ذاته  قال: نبشت لي ذكريات الماضي، الماضي يادكتور عصام وتأثرت بالموضوع وعايشته،

المعنيين بالأمر الأساتذة الذين ذكرتهم في قصتي أطال الله في عمرهما 
المديرة والنائب تأثرا جدا أن مخزون الذكريات لايزال محفورا في مخزون ذكريات طلابهم وأن تربيتهم لنا أفرزت منتجات طيبة وتذكرا زمنهما الرائع والجميل .
وكثير كثير من الاطروحات والأفكار في تحليل الكتل اللغوية والأفكار .
وهكذا هم الناس 
وتفسيراتهم للأمور تختلف بحسب الثقافات والأحوال وما شكلتهم من ظروف مختلفة ومواقف وذكريات 
شكلت بارادايم كل إنسان 

فيا عزيزي  القارئ :لو فهمنا معنى الباراديم وكيف يؤثر في تفكير الإنسان وكيف يشكلل الإنسان وتفكيره  سيعذر كل إنسان الأخر ويقدره مهما اختلف معه فلا نعلم أحوال كل شخص شكلته ظروف معينة.