العمليات العدائية بين إسرائيل و إيران: جوانب قانونية ينبغي النظر فيها

فجر الجمعة 13 حَزِيران، شنت إسرائيل هجومًا واسع النطاق على العديد من المواقع والأشخاص في أراضي إيران. ووصف الجيش الإسرائيلي العملية بأنها "هجوم استباقي دقيق ومشترك لضرب البرنامَج النووي الإيراني وأن إيران اقتربت في الأشهر الأخيرة من الحصول على أسلحة نووية أكثر من أي وقت مضى، وهذا التطور الأخير، إلى جانب التصريحات المتكررة للقيادة الإيرانية عن نيتها تدمير إسرائيل، يضع إسرائيل تحت تهديد وجودي وشيك".
بالمقابل أعلنت إيران حقها في الدفاع عن النفس بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، وردّت بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية، شملت استهداف مدن إسرائيلية. ويواصل الجانبان هجماتهما المضادة حتى لحظة كتابة هذا المقال.
نلاحظ، في البيان الإسرائيلي، أنه يحاول أن يبرر الهجوم على إيران على أساس: التهديد الوشيك الذي يشكله امتلاك إيران للأسلحة النووية على إسرائيل، وبالتالي تبرير الضربة الاستباقية التي شنّها الجيش الإسرائيلي، بوصفها تندرج ضمن مبدأ الدفاع الاستباقي عن النفس.
مع أنّ اسرائيل استخدمت في بياناتها وتصريحات المسؤولين، مصطلح "الهجوم الاستباقي"، ولكن من غير الواضح ما إذا كان هذا المصطلح قد استُخدم بالمعنى السياسي أو بالمعنى القانوني. ومن المرجح أنه اُستخدم بالمعنى السياسي وليس القانوني، نظرًا لأن إسرائيل لم تقدم إخطارًا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها عندما شنت "الهجوم الاستباقي" تتصرف دفاعًا عن النفس وفق المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.
ووفقًا للقانون الدولي، فإن "الدفاع عن النفس" يكون ردًا على "هجوم مسلح" وفقًا للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العرفي. كما يجب أن يخضع "الهجوم الدفاعي" لشروط "الضرورة" و"التناسب". وإذا لم يحدث ذلك، فإن الإجراء نفسه أي "الدفاع عن النفس" سينتهك حظر القانون العرفي على استخدام القوة الوارد في المادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة.
وإلى جانب شرطي الضرورة و التناسب في أثناء الهجوم المسلح، فإن تبرير شن هجوم استباقي يجب أن يستوفي توافر ثلاث شروط وهي (النية، والقدرة، والفرصة الأخيرة)، بمعنى أن ايران لديها النية لشن هجوم ضد إسرائيل والقدرة على القيام به، وعدم وجود اي فرصة لدرءه دون تنفيذ "هجوم استباقي" من قبل إسرائيل. وبدون تحقيق هذه الشروط يمكن أن نطلق على الهجوم الإسرائيلي تجاه إيران بأنه "وقائيًا" وليس استباقيًا، لغايات تطبيق مبدأ "الدفاع عن النفس" تجاه "هجوم وشيك".
ومع ذلك، يرى البعض "أن فقدان تحقق شروط الهجوم الوشيك. يمكن استبدالها في حالة العملية الإسرائيلية ضد إيران بتفسير أكثر انسجامًا مع التهديدات المعاصرة، وهو تفسير يسمح للدول باستخدام القوة بشكل استباقي عندما يلتزم الخصم بهجوم مسلح باستخدام القدرات التي يستخدمها، ويجب على الدولة المستهدفة أن تتصرف الآن خشية أن تفقد قدرتها على الدفاع عن نفسها بفعالية". وفقًا لهذا التفسير، فإن العملية الإسرائيلية في (13يونيو)، استوفت هذه المعايير التي تتناسب مع طبيعة التهديدات النووية التي تعتقد إسرائيل أنها تواجهها.
كما لا يمكن إغفال وجود نزاع مسلح دولي قائم فعلًا بين إسرائيل وإيران وقت انطلاق "الهجوم الإسرائيلي"، وتبادل للأعمال العدائية بين البلدين مستمر منذ مدّة، ففي (أبريل 2024)، قصف الجيش الإسرائيلي مبنى تابعًا للقنصلية الإيرانية في دمشق، مما أدى إلى هجوم صاروخي وطائرات مسيرة إيرانية على إسرائيل في ذلك الشهر، الذي ردت عليه إسرائيل بغارة جوية على موقع رادار إيراني. وفي (سبتمبر) من ذات العام، قتلت إسرائيل أحد قادة حماس في طهران، وفي الشهر التالي، أطلقت إيران عدد من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، إضافة إلى الهجمات السيبرانية المتبادلة. مما يؤكد بشكل ما أن كل من إيران و إسرائيل في حالة نزاع مسلح مستمر منذ مدة، وهو أمر يمكن أن يتم التعامل القانوني معه من خلال قانون النزاعات المسلحة.
خلاصة القول، إن المقاربة القانونية للعمليات العدائية بين إسرائيل و إيران، أمر ليس سهلًا من حيث الوقائع والقانون، وستكون محل خلاف طويل بين الخبراء القانونيين. ففي حالة تقييم العملية الإسرائيلية في إطار أسس ومعايير وشروط الدفاع عن النفس الاستباقي، فهي غير قانونية على الأرجح بناءً على هذا المنظور. أما في حال مقاربتها بأنها جزء من تصعيد في صراع مسلح مستمر بين البلدين فقد يراها البعض بأنها قانونية.