الانتقالي والصوت الآخر 

محمد ناصر العولقي :

أتاح المجلس الانتقالي في المناطق التي يسيطر عليها عسكريا وتنفيذيا هامشا كبيرا لحرية التعبير والنقد وحتى التجريح الى درجة الشتم له ولقادته ، والى درجة التحريض والشحن المناطقي العفن الذي يهدد السلم الاجتماعي ، ووحدة النسيج الاجتماعي الجنوبي ، والى درجة أن بعض خصومه أصبح يعايره بأن شتمه وسبه لم يعد يأتي من خصومه فقط بل ومن بعض أنصاره ، ومع أن هذا يستدعي المراجعة من قبله ودراسة الأسباب التي أدت إليه ، إلا أننا لو نظرنا الى الأمر من زاوية أخرى فسنجد أن هذا الهامش الكبير هو ميزة له تستحق الإشادة والتقدير والاحترام ، باعتبارها مؤشر الى انفتاحه واعتداله ومرونته وقدرته على التعايش مع الآخر واحترام الرأي الآخر مهما بلغ الآخر في تطرفه في الطرح وخروجه عن ضوابط حرية التعبير .

وللتأكيد على هذا ، فيكفي أن يلتفت المرء ببصره الى ما حوله ، وينظر كيف تتعامل ( الأطراف الأخرى ) في مناطق سيطرتهم مع الآخر : في صنعاء ومأرب والمخا وسيئون ، وكيف يتم هناك البطش والتنكيل بالصوت الآخر !!! ، ويقارن ما يحدث هناك مع ما يحدث في مناطق سيطرة الانتقالي .

 ولذلك فنحن غير منزعجين كثيرا من كمية التناول والطرح المسلطة ضد الانتقالي مقارنة مع كمية الطرح والتناول الموجهة ضد الأطراف الأخرى على اعتبار أن الورود التي بلا أشواك هي الأكثر عُرضة للعبث .

طبعا نحن نتكلم هنا عن الطرح والتناول الفردي غير المرتبط بأجندة استهداف ، وحملات ممنهجة وموجهة لضرب الانتقالي ، فهذه لها قصة أخرى مع أن الانتقالي حتى مع هؤلاء مايزال واضعا أعصابه في الثلاجة ، ولم يخرج لهم عصاه الغليظة .