القضية الجنوبية بين من يحملها ومن تحمله
أرى بأن القضية الجنوبية أصبحت كخشبة ثقيلة محمولة يتم السير بها في دروب خطرة وجبال وعرة والنخب الجنوبية من حولها على صنفين!!
صنف يحملها، وصنف تحمله.
فأما الذي يحملها:- وقد تناقص أعداد هذا الصنف كثيرا فتراه مشمر للسواعد واضع الحمل على اكتافه وشادد الحزام على بطنه يسير إلى الأمام بثبات لا يلتفت يسار أو يمين ولا يبالي بثقل الحمولة ومشقة الرحلة، لم يثنيه عائق ولم يرهبة تهديد ولم يصرفه مكسب.
كما تجده فرحا ومرحبا بكل من يأتي ليعينه في حملها وتزداد سعادته كلما زادت وتنوعت الإعداد التي تشارك في الحمل ويكون مستعدا لترك موقعه في أي لحظة اذا راء الآخرين فيهم الكفاية لتولي المهمة كما يكون مستعدا للصمود ومواصلة الحمل ولو بقي وحيدا اذا راء الناس تتساقط أو تنسحب وكل ما يتمناه أن تصل الحمولة إلى محطتها الأخيرة كما أنه مستعدا لتقديم حياته فداء لذلك.
وأما الذي تحمله:- وقد تزايد أعداد هذا الصنف كثيرا .. فتراه متعلق بها ويحرك أصابعه لتربيخ حبالها مع تظاهره بحملها والاهتمام بها يتشدق بعبارات تمجيدها ويردد شعارات التغني بها في الظاهر وفي باطنه ليست سوى وسيلة للوصول أو لحماية أهداف ومكاسب خاصة .. وفي خضم معمعة الطريق تتكشف أوراقه وتتلون مواقفه الدالة على سوء نواياه ... حيث تراه مستعدا لتركها والقبول باي عرض للعمل في خدمة خصومها.
كما يكون مستعدا لفك ارتباطه بها والتحول إلى الضد أن تم المساس بمركزه أو بالمورد الذي يدر عليه المال الوفير أثناء تعلقه بها، وأذا فقد مصالحه من الخصم أو عادت إليه المزايا منها عاد إلى التعلق بها وهكذا.
وحتى يأتي مثل ذلك العرض أو يقع ذلك المساس يبقى متعلق بها ويتظاهر بالاخلاص لها .. فترى له مواقف معارضة تضع العقبات أمام أي استقطاب أو انضمام لأي حاملين أقوياء جدد لاعتقاده بأن مثل ذلك لا يخدمه كما يقلل من توافر فرصه الشخصية.
واذا رأى الركب يتماسك والخطوات تتسارع أصيب بالذعر وافتعل المعارك وقام بالتحشيد المضاد لرفاق ذلك الصنف للعمل على بث سموم الفتنة ونشر الشائعات والضغائن بقصد خلخلت الصفوف واحداث الانقسامات.
وتراه في غاية السعادة والابتهاج كلما رأى اعداد الحاملين تتناقص والمسافات المقطوعة في المسير تتضاءل وتعقيدات الطريق تتزايد فهو لا يستعجل الطريق ولا يريد وصول الحمولة إلى محطتها الأخيرة بالمطلق لإحساس خاطئ لديه بأنه سيخسر أو يكون مكسبة ضئيل بينما ستكون مكاسب الآخرين أكبر.
فمن يقنع الفئة المتعلقة بالعودة إلى رشدها ويطمنها بأن مكانتها ستبقى محفوظه ومصالحها لن تتأثر وأنهم سيظلون محل احترام وتقدير شعبهم كما أن الحاجة اليهم والاستفادة من خبراتهم ستبقى محل اهتمام رفاقهم.
أخيرا نسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر انفسنا وان يكف بأس الأعداء عنا ولا يجعل بأسنا بيننا... اللهم آمين.
والله من وراء القصد.