محللون: تعديل القوانين "خطة الحوثي" لوضع يده على القضاء
(أبين الآن) تقربر- عبداللاه سُميح – إرم نيوز:
حذر خبراء قانون ومسؤولون يمنيون من تعديلات تسعى ميليشيا الحوثي إلى إدخالها على القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرتها، قائلين إنها تهدف لـ"الاستيلاء" على السلطة القضائية.
خطوات ميليشيا الحوثي المتسارعة، نحو إجراء تعديلات على قانون السلطة القضائية اليمنية، في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تشكل تهديدا خطيرا للمؤسسة القضائية ومنظومة العدالة.
وأقرت "الحكومة" التابعة للحوثيين الأحد الماضي، مشروع قانون جديد، لتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية، لـ "إصلاح الاختلالات وأوجه القصور"، فيما عقد "مجلس النواب" التابع للميليشيا في اليوم التالي، جلسة استثنائية لتشكيل لجنة خاصة لدراسة مشروع القانون، تمهيدًا للبتّ فيه، طبقًا لما ذكرته وسائل إعلام الحوثيين.
وبحسب مسودة مشروع التعديلات، التي اطلع عليها "إرم نيوز"، فإن التعديلات تشمل 13 مادة، من مواد قانون السلطة القضائية رقم (1) الصادر سنة 1991، يتضمن بعضها مخالفات للدستور اليمني، على نحو مخلّ بمبدأ فصل سلطات الدولة.
*انفصال قضائي*
ويقول وكيل وزارة العدل لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، فيصل المجيدي، إن تعديلات الحوثيين تهدف إلى "الاستيلاء الكامل على السلطة القضائية، وفرض أجندتهم الطائفية وعناصرهم عليها، على الرغم من أن القضاء في مناطق سيطرتهم، ملغم في الأساس بأشخاص عقائديين".
وأكد المجيدي، لـ"إرم نيوز"، أن التعديلات التي يعكف الحوثيون على إدخالها "خطيرة، وتقضي على ما تبقى من استقلال السلطة القضائية، وتفرض انفصالا قانونيا وقضائيا".
وذكر أن بعض مواد مشروع القانون، تشير إلى إمكانية تعيين أشخاص من خارج السلطة القضائية ومعهد القضاء العالي، كما تُبيّن "توجه الحوثيين نحو تصفية مهنة المحاماة، ومنع المحامين من الترافع، وفي ذلك لربما استهداف للأشخاص الذين ينوون الدفاع عن القانون".
*صلاحيات خطيرة*
وتمنح التعديلات، "رئيس الجمهورية" صلاحية تعيين أعضاء في وظائف ودرجات السلطة القضائية من خارجها، يتم اختيارهم من بين "أساتذة كليات الشريعة والقانون في الجامعات اليمنية، أو من علماء الشريعة الإسلامية الحاصلين على إجازات علمية في الفقه، المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والإصلاح بين الناس، محمودي السيرة والسلوك".
ويرى المدير التنفيذي لـ"المركز الأمريكي للعدالة"، عبدالرحمن برمان، أن هذه الفقرة "هي أخطر ما ورد في مسودة مزعوم تعديل القانون، التي أعطت الحق لسلطات الحوثي في تعيين قضاة من خارج السلطة القضائية، دون الحاجة إلى المؤهلات المطلوبة والتخرج من معهد القضاء العالي، واستبدالها بمسمى فقهاء الشريعة أو المشهود لهم بحسن السيرة والسلوك وإصلاح ذات البين".
وقال برمان في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن ذلك يسهّل على الحوثيين "السيطرة على المؤسسة القضائية، عبر تعيينات تدفع أفرادها إلى ساحة القضاء وفقا لهذا التعديل، وإقصاء الكادر الوطني من ذوي الخبرة والاختصاص".
ويرى برمان أن هذه الخطوة "غير القانونية ومنعدمة الشرعية، تعد إجهازا كليا على ما تبقى من شكلية المؤسسة القضائية، يحولها ضمن هياكل الحوثيين، من خلال التعيينات التي تتم عبرهم ووفقا لأطرهم الداخلية، وليس طبقا للقوانين والإجراءات الرسمية المعتادة".
*إهدار الحقوق*
وذكر المدير التنفيذي لـ"المركز الأمريكي للعدالة"، أن تطبيق التعديلات في مناطق الحوثيين، سيُهدر حق المواطنين في الدفاع عن أنفسهم، ويسلب حرية المحامين في الدفاع عن موكليهم، ويفقدهم حصانتهم في الترافع والاعتراض على الإجراءات الباطلة؛ ما يشكل ضربة كبيرة للعدالة.
وأشار إلى أنها "تعطي القضاة الفاسدين، سلطة توقيف أي محام ومنعه من الترافع لمدة 3 سنوات، وهو ما يتنافى مع قانون المحاماة الذي يضمن استقلاليتها دون أي تدخل، "وفي ذلك، انتهاك لحقوق المدعين والمدعى عليهم والمتهمين المقبوض عليهم".
وأضاف برمان، أن "المعهد العالي للقضاء في صنعاء، بات يشترط على الراغبين بالالتحاق به، تزكية اثنين من قيادات الحوثيين، وفق استمارة الانتساب.
من جهته، قال النائب البرلماني في مناطق سيطرة الحوثيين، عبده بشر، إن استدعاء "مجلس النواب لانعقاد استثنائي لمناقشة وتشريع تعديلات قانونية خلال جلسة أو جلستين، أمر غريب وغير منطقي"، خاصة وأن استدعاء المجلس يكون "لأمر جلل وكبير، وليس لتعديل قانون وتمريره بمخالفة دستورية".
ونشر البرلماني بشر، ملاحظات مطبوعة ورقيا، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فسيبوك"، "تتضمن تفاصيل المخالفات القانونية والدستورية، الواردة في مشروع قانون التعديلات المقدم إلى "مجلس النواب".
ويعتقد المحامي غمدان الفضلي، أن التعديلات المقدمة "ليست مجرد انتهاك لاستقلال القضاء ومخالفة للدستور فحسب، بل هي انتهاك لوحدة التراب اليمني، وتحقيق للانفصال على أرض الواقع".
وقال في منشور على "فيسبوك"، إن هذه الخطوة في ظل حالة "التشظي والتمزق، تضع العراقيل في طريق أي حل يعيد الأمور إلى نصابها تحت راية الجمهورية اليمنية".