مليونية سيؤون.. رسائل سياسية في مواجهة التغيير الديموغرافي ومحاولات سلخ الهوية الجنوبية

يتساءل الكثيرون عن الهدف من إقامة المجلس الانتقالي الجنوبي لمليونية جماهيرية في مدينة سيؤون يوم الرابع عشر من أكتوبر، خاصة أن البعض يرى في هذه الخطوة شيئًا غير مألوف، متناسين أن هذه المدينة قد شهدت في الأعوام الماضية فعاليات مشابهة نظّمها المجلس الانتقالي. تلك المليونيات ليست بالأمر الجديد، بل إنها تعبير متجدد عن قضايا استراتيجية تمسّ الجنوب بشكل عام وحضرموت بشكل خاص.

من وجهة نظري، هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدفع المجلس الانتقالي لتنظيم هذه الفعالية الضخمة في سيؤون:

1.الموقع الاستراتيجي ووجود القوات الشمالية: سيؤون تُعدّ واحدة من المناطق الجنوبية القليلة التي لا تزال تحت سيطرة قوات شمالية تتمتع بقوة عسكرية كبيرة. المملكة العربية السعودية ذاتها تعمل لها حسابا. هذا التواجد للقوات الشمالية في سيؤون لم يعد يستظل بشرعية الدولة المفقودة أصلا، بل له أسباب أخرى غير مغيبة عن ذهن كل متابع.

2.التغيير الديموغرافي الواضح: هناك تغييرات ديموغرافية ملموسة في سيؤون، حيث تتواجد أعداد كبيرة من السكان القادمين من المحافظات الشمالية تحت مسميات متعددة، سواء كانوا عمالًا أو مستثمرين أو حتى لاجئين ونازحين بسبب الحرب. هذا التواجد يؤثر على التوازن السكاني والهوية الثقافية للمنطقة، ويضع الدولة تحت سيطرة قيادات شمالية في مفاصلها الرئيسية. يعتبر المجلس الانتقالي أن هذا الوضع يشكل تهديدًا للهوية الجنوبية للمدينة ويحتاج إلى معالجته عبر التواجد الجماهيري الضخم الذي يعبر عن رفض هذا التحول الديموغرافي.

3.محاولات سلخ حضرموت من هويتها الجنوبية: ربما يكون التحدي الأكبر هو محاولة بعض الجهات فرض هوية "استقلالية" خاصة على حضرموت، وهذه الفكرة في حد ذاتها قد لا تكون مشكلة، لكن الإشكالية تكمن في أن مَن يقف خلف هذا الطرح هم من أنصار فكرة اليمننة، ويقف خلفه ويساندها سياسيا وماليا وحتى عسكريا من تم ذكرهم في النقطتين الأولى والثانية، والغاية الحقيقية من ذلك هي إبقاء حضرموت تحت الهوية اليمنية الشمالية. هذا التوجه يرفضه المجلس الانتقالي بشكل قاطع، ويعتبره تهديدًا واضحًا لوحدة الجنوب وهوية حضرموت كجزء أصيل من الجنوب اليمني.

بناءً على هذه العوامل، يمكن القول إن المليونية التي ينظمها المجلس الانتقالي في سيؤون تحمل رسائل سياسية قوية. فهي تهدف إلى تعزيز الهوية الجنوبية، ورفض السيطرة العسكرية الشمالية، ومقاومة أي محاولة لتغيير الطابع الديموغرافي للمنطقة. إضافة إلى ذلك، تؤكد هذه الفعالية على وحدة أبناء الجنوب في مواجهة التحديات، وتعكس تمسكهم بحقهم في تقرير مصيرهم وحماية هويتهم الجنوبية في وجه أي محاولات للطمس أو التشويه.