حتمية زوال دولة إسرائيل، وانتصار المقاومة ،،

في عام ( 1935م )  أسس "أمرام بلاو" حركة أطلق عليها اسم ( ناطوري كارتا) والتي تعني  بالآرامية "حارس المدينة" وهي جماعة دينية يهودية .
 هذه الجماعة تعارض  سياسات  الصهيونية العالمية ،  وتنادي بخلع أو إنهاء سلمي للكيان الإسرائيلي، وإعادة الأرض إلى الفلسطينيين.

ذلك أنَّ لديهم قناعة عقدية  بأن اليهود يُمنعون من الحصول على دولة خاصة بهم  حتى مجيء المسيح ، وأنَّ أي تجمع لليهود بأي شكل من أشكال الدولة - ولو في صحراء قاحلة -فإنَّ ذلك يعني نهايتهم ، وزوالهم .


فمن هذا المنطلق عارضوا -  وبشدة -  إصرار الصهيونية العالمية إقامة دولة إسرائيل في فلسطين ، ولا يزالون على هذا النهج حتى الساعة .

وفي الحقيقة أنَّ هذه القناعات لم تأت من فراغ ، بل أنها مستمدة من كتبهم المقدسة ، ومثبتة كذلك  فى القرآن الكريم.

وهذا ما أكده ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، حيث قال : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيرا ) .
وهذه إشارة إلى أنَّ بني  إسرائيل سيقيمون دولتين اثنتين عبر التاريخ لا غير ، وأنهم خلال تلك الدولتين سيفسدون في الأرض إفساداً ، وسيرتكبون فضائع الإجرام الذي سيكون السبب في زوالهم ، ونهايتهم ، والتنكيل بهم .

وقد أقام بنو إسرائيل الدولة الأولى على يد نبي الله داؤد ، وسليمان ، ومن تبعهم من الأنبياء . 
فلما انحرفوا عن الجادة ، وطغوا ، وتجبروا ،وأفسدوا ، سلط الله عليهم من يسومهم سواء العذاب ، وينهي وجودهم .
قال تعالى:
( فإذا جاء وعد أولاهما {أي حان وقت زوال الدولة الاولى  نتيجة شدة فسادهم } بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا) 

وقد تم ذلك عام ( 587 ق . م ) على يد بختنصر أحد ملوك الكلدانيين الذين حكموا بابل ، وبلاد الرافدين ، حيث نكَّل بهم ، وأنهى وجودهم ، فتشردوا في مشارق الأرض ومغاربها ، ولم تقم لهم أية دولة منذ ذلك الزمان حتى عام (1948م )أقاموا دولة اسرائيل الثانيةفي فلسطين . 

وإقامة هذه الدولة في العصر الحديث .... تعني إنهاءً لوجودهم ، والتنكيل بهم ، وتشريدهم ،وتعذيبهم .

وهذا ما جعل تلك المنظمة اليهودية تعارض إقامة دولة إسرائيل لأنها تعي أن ذلك  نهايتهم .

وقد أكد القرآن هذه الحقيقية الحتمية بقوله :
( فإذا جاء وعد الآخرة { إقامة الدولة الثانية لليهود } ليسوؤوا وجوهكم { يا معشر المسلمين وقد فعلوا ذلك مع أهلنا في فلسطين} وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا { أي يفسدوا في الأرض إفساداً عظيماً } .

وفي هذه الآية إشارة إلى إقامة دولتهم الثانية ، ودخولهم المسجد الأقصى ، وإفسادهم في الأرض ، وارتكابهم الفضائع بالمسلمين.

وكل هذا يتجسد على أرض الواقع اليوم في غزة .
أقاموا دولة إسرائيل ، ودنسوا الأقصى ...
وهاهم اليوم يرتكبون جرائم تفوق الخيال ، ويعبثون بالأرض ، ويدمرون المدن ، ويسفكون الدماء ، ويستخدمون جميع أسلحة الدمار الشامل...
وفي هذا دليل قاطع على أنهم يسوقون أنفسهم إلى نهايتهم المخزية كما وصفهم القرآن الكريم.

من خلال هذه الإطلالة السريعة - لتاريخ اليهود القذر _ يتبين لنا كيف يسيَّر الله الأمور ، ويسوق الأحداث ، ليقضي أمراً كان مفعولاً.

وكل الشواهد اليوم تدل دلالة لا تحمل الشك على  أنَّ هناك يداً خفية هي من  تحرك الأمور ، وتوجه الأحداث ، وتدير المعركة ، وهي من تحدد وقت النهاية .

وهذا هو سر الصمود الأسطوري لأهلنا في غزة رغم الخذلان ، ورغم تفوق اليهود ، ورغم فظاعة المعركة ، ورغم بشاعة الإجرام .

فالله هو من حدد النهاية ( فإذا جاء وعد الآخرة  {نهايتهم المحتومة} جئنا بهم لفيفا ) جمعناهم من شتى أصقاع الأرض ،  وحشرناهم في فلسطين ، حتى يتمكن المسلمون من القضاء عليهم ( وهذا رأي الشيخ الشعراوي) 

كل تلك الشواهد هي من جعلت أهلنا في غزة يسطٌرون تلك الملاحم التي سيخلدها التأريخ ، وكانت الترياق الذي يعالج تلك الجروح الغائرة التي يتعرض لها المستضعفون ، وهي الدافع الحقيقي للصبر ، والثبات ، والصمود الخيالي أمام ذلك الإجرام الذي لم يشهده التأريخ .

فلا نتعجب مما يحصل اليوم في غزة ...
فأهلنا هناك واثقون أنها المعركة الأخيرة ، وأنها الجولة النهائية ، وأنها الخاتمة المحتومة لتلك الشرذمة الخبيثة ، وهم مطمئنون أنَّ الغلبة لهم ، وأنَّ النصر حليفهم ، وأنَّ مسك الختام هو كنس هذا الكائن المسخ من الأراضي المقدسة وأنٌ الله وحده هو من سيحدد النهاية المحتومة لليهود .

إنَّ ضخامة الضريبة التي يقدمها أهل غزة... هي عربون النصر ، وثمن الحرية ، وتكاليف الكرامة .

ورحم الله أمير الشعراء حين قال :
وللحرية الحمراء باب ** بكل يد مضرجة يدق .