الطلاق مرتان في الإسلام .. هل استحدث المسلمون طلاقًا ثالثًا.؟!

بقلم: _منصور بلعيدي

الطلاق في الشريعة الإسلامية هو من الأمور التي حددها الله تعالى بوضوح فقال في محكم التنزيل: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" (البقرة: 229). 
وهو أمر محدد بعدد مرتين، بحيث لا يجوز أن يتكرر أكثر من ذلك  وهو ما يُعرف في الفقه الإسلامي بـ"الطلاق مرتان" فبعد ان تنقضي عدة الطلاق الثاني تحرم عليه الزوجة حتى تنكح زوجاً اخر وليس بطلاق ثالث. 

لكن، مع مرور الزمن ظهرت ظاهرة استحداث "الطلاق الثالث" بشكل غير مشروع، حيث يطلق الزوج زوجته ثلاث مرات، ثم يعيدها بعد فترة، وهو ما يخالف النصوص الشرعية، ويثير تساؤلات كثيرة حول مدى شرعيته وأثره على الأسرة والمجتمع.
وفي القرآن الكريم، جاء في سورة البقرة: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره" (البقرة: 230). 
فمن هذه الآية استنتج الفقاء أن هناك طلاقاً ثالثاً واعتبروه حدًا شرعيًا، وأن العودة إلى الزوجة بعد الطلقة الثالثة لا تكون إلا بزواج زوج آخر، ثم طلاقه لها، وهو ما يُعرف بـ"النكاح الثاني" ولكن هذا الفهم يفرض اشكالاً معقداً في قضية عدة المطلقة هل تبقى في، بيت زوجها بعد الطلاق الثالث ام تذهب الى بيت ابيها. 
فان بقيت في، بيت، زوجها فهي مخالفة شرعية لانها لم تعد زوجته اصلاً  وادا اعتدي عليها زوجها بالمواقعة فيصير ذلك زنا ، وان ذهبت الى بيت ابيها فذلك مخالف لامر الله تعالى ( ولايخرجن من بيوتهن) ولموينتبهرالفقهاء لهدا الاشكال. 

ولهدا فالمسلمين استحدثوا طلاقًا ثالثًا، وذلك يُعد خروجًا عن النص، وتعديًا على حدود الله، وتعديًا على حكم شرعي ثابت. 
فالمسلمون، وفقًا للشريعة، لا يحق لهم تجاوز الحد المسموح به، وإلا أصبح الأمر من باب التعدي على شرع الله، وهو أمر لا يقره دين ولا عقل.

وهنا يبرز سؤال مهم: أين تذهب المرأة بعد الطلاق، خاصة إذا كانت قد طُلقت للمرة الثالثة ، وبدأت تتساءل عن مكان إقامتها، وهل عليها أن تعود إلى بيت أبيها، أم تبقى في بيت الزوجية؟ 

إذا اعتدى الزوج على زوجته وواقعها أثناء العدة بعد الطلاق الثالث، فهذا يُعتبر زنا، لأن الزواج قد انتهى نهائيًا بينهما بعد الطلاق الثالث، ولم يعد هناك علاقة زوجية شرعية تربطهما..
وان عادت الى بيت ابيها فقد خالفت قول الله تعالى( ولايخرجن من بيوتهن).

فما الحل؟! 
الحل هو عدم استحداث الطلاق الثالث، لانه يُعد مخالفة صريحة لأوامر الله، ويهدد استقرار المجتمع وأمنه الأسري.
بعد انتهاء عدة الطلاق الثاني لا يمكن للزوجة أن تبقى في بيت الزوج لأنها لم تعد زوجته، ووجودها في بيته يُعتبر غير شرعي ، وفي الوقت نفسه، لا يمكنها أن تذهب إلى بيت أبيها أو أي مكان آخر، لأن الله تعالى يقول: "ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" (الطلاق: 1). 

وهذه هي الإشكالية التي تطرحها الأحكام الشرعية المتعلقة بالطلاق الثالث المستحدث. 
يبدو أن هناك حاجة إلى إعادة تفسير أو توضيح لهذه الأحكام لتوضيح مكان اعتكاف المطلقة ثلاثًا أثناء عدتها.

الأصل في الإسلام هو أن الطلاق مرتان، كما جاء في القرآن الكريم، وأن الطلاق الثالث هو طلاق بدعي واستحداث من الناس وليس له أساس في الشرع.

هذا يعني أن الطلاق الثالث لا يُعتبر نافذًا شرعًا لانه طلاقاً بدعياً ، وأن المطلقة ثلاثًا لا تزال في حكم الزوجة حتى تنقضي عدتها بعد الطلاق الثاني.

هذا التفسير يزيل الإشكالية التي تطرحها الأحكام الشرعية المتعلقة بالطلاق الثالث، ويوفر رؤية جديدة حول كيفية التعامل مع هذه المسألة في الإسلام.

وفي النهاية، يبقى أن نؤكد على أن الشريعة الإسلامية وضعت ضوابط دقيقة للطلاق، بهدف حفظ حقوق المرأة والأسرة، ومنع التلاعب بأحكامها.  
الالتزام بتعاليم الله، واحترام حدود الشرع، هو السبيل للحفاظ على تماسك الأسرة، وتحقيق مصلحة المجتمع، كما قال تعالى: "وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" (البقرة: 230)..