صباح الخير يا بكري
أبين الآن / كتب / شكري حسين
صباح الخير لك وللدنيا ولقلبك الموجوع، وللحياة التي تشرق من بين عينيك، ولثبات حبك في قلوبنا وقلوب عامة الناس وخاصتهم.
صباح الخير يا بكري، ولديوان الوزارة المظلم في غيابك، وللحضور البهي الذي افتقدناه بعد مرضك، وللضجيج والجلبة التي كان يحدثها قدومك.
صباح الخير للألسن التي لم تفتر من الدعاء لك، والتي افجعها مرضك وهالها رؤيتك وأنت طريح الفراش، صباح الخير للأكف التي تتضرع بالدعاء لك، وللأعين التي تتوق لرؤيتك وتشتاق لسماع صوتك مجلجًلًا في قاعات الاجتماع متوسدًا كرسي مكتبك.
صباح الخير يا بكري، متحدثًا كنت أو صامتًا، مريضّا كنت أو متعافيًا، واقفًا أم مستلقيًا على فراشك، صباح الخير لأبواب مكاتبك التي اعتادت أن تكون مفتوحة بحضورك أمام كل الناس دون استثناء، وباتت اليوم مؤصدة تشكو الغياب والهجران.
صباح الخير للوجوه التي اشتاقت لرؤيتك كل صباح، وللمكاتب التي تضج بالحياة في حضورك، والوجوه المنكسرة التي ضعضعها غيابك واستبد بساحتها ألم اختفائك المفاجئ.
صباح الخير للأمكنة التي كنت تملؤها نشاطًا وحيوية، ولأبخرة "أم بلال" وهي تصافح الوجوه في الصباح الباكر، ورائحة الشاهي المنبعثة من الجوار، وهي تشتكي غياب زوارك والوافدين إلى مكتبك زرافاتٍ ووحدانًا..
(9) أيام مرت منذ إعلان قلب البكري التمرد عليه وفرملة حركة قدميه التي لا تعرف التوقف، كأنها أعوام، لا يضاهيها حتى غيابه الإجباري قبل سنوات حين كان ممنوعًا من دخول المدينة التي أحبها وأحبته، عشقها وعشقته، ودافع عنها فدافعت عنه، وأبت إلا أن تحتضنه بدفء مشاعرها مريضًا، لا كما تفعل مع أقرانه من المسؤولين والمترفين الذين لفظتهم لينالوا العلاج بعيدًا عنها.
ما الذي بينك وبين الناس يا بكري في عدن وكل اليمن، حتى تُحاط بكل هذا الكم الهائل من الحب والقلق والجزع لمرضك؟، ماذا فعلت بحياتك حتى تنال هذا السيل من الدعاء والابتهال إلى الله ليعود قلبك سالمًا معافى كما كان؟.
كيف استملت القلوب إليك يا بكري، ونحن نشاهد المسؤول والحقير، الشيخ والغفير، الغني والفقير، الشاب والصغير، والعالم والجاهل، والموظف والعاطل عن العمل، حتى يتسابق الجميع لزيارتك، ما الذي أوقف عامل النظافة الذي وقف لساعات طويلة على باب المستشفى، متأملًا السلام عليك.
عرفتك متواضعًا خلوقًا ودودًا عطوفًا حالمًا استثنائيًا في زمن غير استثنائي، تحمل جوانب إنسانية كثيرة قلما نشاهدها في غيرك، متعاطفًا مع ضعف الآخرين ومشاكلهم، جابرًا خواطرهم نبيلًا في التعامل معهم، بينما الآخرون سادرون في غيهم مهمومون بمعاركهم الجانبية، مزاحمون على فتات الموائد.
حب الناس يا بكري لا يضاهيه شيء، وقلق الناس عليك لعمري "مزيّة" ومنقبة يبحث عنها غيرك ولا يجدونها، ومن أحبه الله كتب له القبول في الأرض، وصدق من قال : "من حصد طيب الأثر، حصد محبة الله ثم البشر".