سد حسان .. مشروع استراتيجياً يُعيد أمجاد أبين الزراعية
بين جبال محافظة أبين وتاريخها الزراعي العريق، يأتي مشروع سد حسان ليرسم ملامح جديدةً من النهضة والتنمية. يُطلق عليه لقب "السد المعجزة"، ويبدو أن هذا الاسم لم يُطلق عبثاً؛ فهو ليس مجرد سدٍّ لتخزين المياه، بل مشروعٌ شاملٌ يحمل في طياته الأمل بمستقبلٍ أفضلٍ لمحافظة أبين والمناطق المجاورة.
حلمٌ أصبح حقيقةً
سد حسان لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتيجة جهودٍ جبارةٍ ومتابعاتٍ مستمرةٍ قادتها وزارة الزراعة والري والثروة السمكية ممثلةً بمعالي اللواء سالم السقطري.
هذا المشروع كان حلماً يراود أبناء أبين، واليوم بات واقعاً ملموساً. سدٌ بمواصفاتٍ استراتيجيةٍ يهدف إلى تعزيز الأمن المائي والزراعي في المحافظة، إلى جانب تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية لسكان المنطقة.
أهمية استثنائية لسد حسان
سد حسان يتميز بكونه مشروعاً تخزينياً وتحويلياً في آنٍ واحد، ما يجعله علامةً فارقةً في مشاريع التنمية المائية، وأهميته تكمن في:
التحكم بمياه الأمطار والسيول: يُساهم في تخزين كمياتٍ كبيرةٍ من المياه وتوزيعها على الأراضي الزراعية بطريقةٍ منظمة، عبر شبكة ريٍّ متطورةٍ تُعيد إلى الأذهان كفاءة قنوات سد باتيس.
حماية الأراضي الزراعية: يتحكم بحركة السيول العارمة التي كانت تسبب فيضاناتٍ مدمرةً تُجرف الأراضي الزراعية وتُهدد معيشة السكان.
زيادة المساحات الزراعية: يُسهم السد في ري أكثر من 15,000 فدانٍ صالحةٍ للزراعة في وادي حسان، مع إمكانية استصلاح مساحاتٍ إضافيةٍ كانت مهملةً لسنوات.
تعزيز الأمن المائي: يغذي السد المياه الجوفية، مما يدعم احتياجات محافظات أبين وعدن ولحج، ويساهم في تقليل معاناة المواطنين من نقص المياه.
سد حسان وزراعة المحاصيل النقدية
المشروع لا يُعتبر حلاً مؤقتاً، بل حجر أساسٍ في إعادة أبين إلى واجهة الإنتاج الزراعي في اليمن. دلتا أبين كانت تُعرف بأنها سلة غذاء اليمن، بفضل زراعة القطن طويل التيلة، وهو محصولٌ نقديٌّ كان يمثل إرثاً حضارياً للمنطقة. سد حسان يُعيد الأمل بزراعة هذا المحصول وغيره من المحاصيل التي تتميز بها أراضي أبين الخصبة.
أبين: وجهة المشاريع الاستراتيجية
سد حسان ليس المشروع الوحيد الذي يعزز مكانة أبين التنموية، بل هناك مشاريع أخرى تُضيف بُعداً تنموياً للمنطقة، ومنها:
مصنع الأسمنت: الذي يساهم في امتصاص البطالة عبر توفير فرص عملٍ كبيرةٍ.
سد باتيس: الذي يُنظم ري أكثر من 65,000 فدانٍ من الأراضي الزراعية في دلتا أبين.
ملحقات تضاعف القيمة
أحد أبرز مميزات سد حسان هي الملحقات المرتبطة بالمشروع، التي تجعل من السد أكثر من مجرد خزانٍ للمياه. أبرز هذه الملحقات:
شق القنوات التحويلية: لضمان توزيع مياه السد مباشرةً على الأراضي الزراعية بدلاً من تصريفها إلى البحر. قنواتٌ تمتد عبر مناطق عدة مثل دهل عبدالله، عبر حسين، الفشلة، وتيران، لتحول أراضي وادي حسان إلى جنانٍ خضراء.
تطوير البنية التحتية: يشمل ذلك سفلتة الطريق المؤدية إلى السد، والتي تبدأ من منطقة الحصن مروراً بالأراضي الزراعية، مما يسهل حركة المزارعين ونقل منتجاتهم إلى الأسواق.
السد المعجزة: مستقبل أبين المشرق
سد حسان لا يمثل مجرد مشروعٍ تنمويٍّ عابر، بل هو رمزٌ للأمل والإصرار في زمنٍ تطغى عليه الأزمات الاقتصادية والسياسية. هذا السد لا يحمل فقط وعداً بتحقيق الأمن المائي والزراعي، بل يحمل أيضاً إمكانية تحويل أبين إلى وجهةٍ سياحيةٍ تحتضن الزوار من مختلف المناطق.
سد حسان هو رسالةٌ لكل أبناء اليمن: بأن الأحلام تتحقق بالإرادة والعمل. ومع اكتمال هذا المشروع العظيم، ستشهد أبين نهضةً تنمويةً وزراعيةً تعيد إليها مجدها، وتثبت أن ما كان يبدو مستحيلاً يمكن تحقيقه عندما تتضافر الجهود وتتوحد الرؤى.