السلطنة الفضلية، ليالي في القاهرة

بقلم / أبو زين ناصر الوليدي

في هضبة الهرم وفي شقته في الجيزة بالعاصمة المصرية القاهرة كان لنا حديث شائق من أحاديث الذكريات في ضيافة الوالد أحمد بن حسين بن عبدالله الفضلي المولود عام 1940 م، طاف بنا في ذكرياته منذ طفولته في كنف السلطنة الفضلية العريقة في ظل عمه السلطان عبد الله بن عثمان، ووالده نائب السلطان ومهندس تطوير السلطنة الفضلية..
إلى دراسته في المدرسة الابتدائية في مدرسة أبناء السلاطين في جبل حديد، وصولا إلى الدراسة في القاهرة ولندن والتطواف على الكثير من دول العالم حيث زار مضيفنا معظم دول أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية والهند وعدة دول من شرق آسيا وكل الدول العربية، وقيادته للحرس السلطاني ثم خلافه مع الإنجليز ونفيه إلى لندن ثم قصة سقوط السلطنة وقدومه إلى مطار عدن قبل الاستقلال بيوم واحد ودموع المضيفة السورية ، والمغامرات التجارية في السعودية والعمل في عمان. وقصة عاقل القرية العمانية الساحلية الذي يعرف شقرة بيتا بيتا.
إلى لقاءات الملك فيصل والقادة. وقصة زواجه بالفتاة الايسلندية والذي أسس ولدها الأبيني عمر حزبا سياسيا. وفاز بمنصب نائب محافظ إيسلندة والذي يستعد هذه الأيام للترشح لمنصب محافظ إيسلندة. وكيف قرأ في صحيفة الديلتلجراف خبر إغتيال أحمد بن عبدالله الفضلي وهو في طريقه لزيارة صديقه ديفيد ابن قائد الحرس الملكي البريطاني. وقصة سجنه في حفر الباطن بسبب زيارة ملك البحرين السابق وغرائب الأحداث والمصادفات والمغامرات.
كما أكرمنا باستضافتنا على الغداء الدسم والحديث الجميل في لقاء حافل بكل معاني الصدق والشفافية والمصارحة.

 الفضلي والوزير البريطاني (شاكلتون) والملك فيصل

وبوجهٍ لا زالت تتدفق فيه موجات الثقة والعزم والإصرار يلتفت إلينا الشيخ أحمد بن حسين الفضلي سليل البيت السلطاني ليستكمل ذكرياته وتقلباته في بلاد الله الواسعة عبر هذه العقود التي أوشك على استكمال الثامن منها، لكنه يرسم الأحداث كلوحة الفنان الماهر الذي يحسب لكل خط ولون في لوحة رسمها الزمن بريشة الطموح والمعاناة والألم والتشرد والاعتداد بالذات والتاريخ .
يتقافز حفيداه في حجره ويطبع عليهم قبلات تقطع حديثه، ويتبادل معهم بعض الكلمات التي ترخيها سحائب عواطف الجد على بذوره التي زرعتها يد الزمان في تراب حملته رياح القدر من أبين إلى حيث لا قرار .
فهناك بين ثلوج إيسلندة له أحفاد من ولده (عمر) ابن زوجته الايسلندية التي تعرف عليها أثناء دراسته الأمنية في بريطانيا (١٥ شهر) والتي رجع منها برتبة (نقيب) وزوجة إيسلندية تزوجها بعد تخرجه بعام واحد فقد تخرج عام ١٩٦٤ م ليعود في العام الثاني إلى هناك لعقد قرانه واستصحاب زوجته إلى أبين، ليدوم زواجهما أربع سنوات وينتج عنه المولود عمر الذي عاد مع أمه ولازال هناك إلى اليوم ويخوض هذا الشاب الفضلي هذه الأيام الإنتخابات للفوز بمنصب محافظ إيسلندة.
وله أحفاد أيضا في إيسلندة من ابنته المهندسة التي تزوجها مسلم ايسلندي أثناء عمله في المملكة العربية السعودية.
وهناك في جنوب الكرة الأرضية من الطرف الآخر أخذت الرياح بذور الفضلي حيث له أحفاد من ابنته الأخرى التي تزوجت مسلم من (كايب تاون) في جنوب القارة الأفريقية قرب رأس الرجاء الصالح.
يزفر الفضلي زفرة وهو يتحدث عن (ليالي السقوط) سقوط مايزيد على عشرين سلطنة تمتد على طول وعرض اليمن الجنوبي، ليالي سقوط السلطنة الفضلية التي يقارب عمرها الخمسمائة من السنين، لقد كان الأمر أكبر مما يستوعبه رجل قوي حازم طموح مثله، لكن رياح التغيير العالمية كانت أقوى من أي عزم .
بينما كانت البلاد تغلي ببراكين الثورة والسياسة والفوضى كانت هناك في لندن المفاوضات التي ترعاها بريطانيا للتعاطي مع الأوضاع الجديدة، خرجت جبهة التحرير من المعادلة وتحيز الجيش لصالح الجبهة القومية ليفرض واقعا جديدا، على بريطانيا أن تتعاطى معه، أو أنها فرضته بريطانيا ليتعاطى معها ضمن لعبة الخيط والجزرة التي تجيدها العجوز الكاهنة.
ذهب الشيخ أحمد بن حسين بصحبة عمه السلطان ناصر بن عبد الله للقاء وزير المستعمرات البريطانية (شاكلتون) والذي كان يفاوض وفد الجبهة القومية في لندن بشأن تسلمها البلاد. كان شاكلتون يضع بين أيديهم الوضع كما رتب له ،ويخبرهم أنه يجب عليهم مغادرة البلاد والخروج من المشهد !! وكان يكلمهم بمواساة ويقول لهم : حاولوا أن تهدأوا وتتوقفوا عن أي مواجهات أو مغامرات، ستخرجون من البلاد لفترة مؤقتة
وأرجو أن لا تنساقوا وراء وعود بعض الدول التي ستبدي معكم التعاطف وتعدكم بالدعم ( يشير إلى السعودية) هي فترة مؤقتة ثم تعودون إلى بلادكم.
فقال السلطان ناصر بن عبد الله :
كم هي هذه الفترة المؤقتة؟
شهر. شهرين. سنة. سنتين؟
فقال الوزير (شاكلتون) بل خمس وعشرون سنة.
ثم ضحك الفضلي وهو يستذكر عمه السلطان وهو ينتزع يده من يد شاكلتون رافضا كلامه جملة وتفصيلا. إلا أن الترتيبات الدولية كانت أكبر من السلطان وسلطنته.
قفزت كلمة (الترتيبات الدولية) بذهن الفضلي من وسط لندن إلى (منى) بمكة المكرمة حيث كان لقاؤه بالملك فيصل بعد خروجهم من البلاد واستقرارهم في المملكة العربية السعودية.
رشف الشيخ رشفات من كأس الشاي العدني ثم قبض بكفه على عصاه السوداء التي لا تفارقه وأدار أصابعه على رأسها فقال :
كان الملك فيصل جالسا وعن يساره مستشاره السوري رشاد فرعون ثم رئيس استخباراته التركي كمال أدهم ثم السلطان غالب بن عوض القعيطي ثم أنا.
فقال الملك فيصل :ما ترون فيما جرى لهؤلاء السلاطين؟
فقال رشاد فرعون بصوت أجش:
"لفظتهم شعوبهم"
ثم قال الملك :
ما تقول أنت يا كمال أدهم؟
فقال:
"القول ما قلت أنت ياطويل العمر "
هنا نظر إلينا الملك وقال : هؤلاء ضحية للعبة دولية كبيرة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.
ثم يعود إلى تذكر أيام السقوط ومن لندن حيث دعي للسمر مع صديقه ضابط الشرطة (ديفيد) وفي طريق ذهابه إليه اشترى صحيفة (الديليتلجراف) ليفاجأ فيها بخبر نقلته الجريدة عن إذاعة بي بي سي خبر اغتيال السلطان الثائر أحمد بن عبدالله الفضلي وهو السلطان الذي أشاد به الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حيث هرع من القاهرة إلى عدن ومنها إلى شقرة للدفاع عن السلطنة من الثائرين وأثناء تحركه من شقرة إلى الوضيع تعرض لمحاولة الإغتيال تلك في منطقة العرقوب وقتل ثلاثة من حراسه وثلاثة من المهاجمين .
أخبر صديقه بما أوردته الصحيفة، فقال له ديفيد : أن أبي هو أحد قادة الحرس الملكي الستة وسوف أتصل به ليؤكد لي الخبر أو ينفيه.، قال فاتصل ديفيد بأبيه فاستمهله الوالد ساعة حتى يرد له الخبر من عدن ،لكن لم تمر سوى عشرين دقيقة حتى جاءه ديفيد بتفاصيل الحادث ثم قال له : في هذه اللحظات بالضبط أحمد بن عبدالله في سيارة بين بيحان وحريب.
قال : ثم سري عني وأجريت بعض الاتصالات وطمأنت الأهل عنه.
أما هو فقد طار من لندن إلى مطار بيروت وهناك منعه الضباط الإنجليز من السفر إلى عدن لأنه سيستقبله الموت ، وتحت إصراره على السفر بكت المضيفة السورية على هذا الشاب الذي يذهب إلى الموت بقدميه، وبمجرد وصوله إلى عدن حاصرة الجنود الإنجليز في المطار وارغموه على العودة من حيث أتي وكان ذلك يوم ٢٩ نوفمبر ١٩٦٧ م .
وبعده بيوم كان يوم الاستقلال وخروج آخر جندي بريطاني من عدن.

 بسبب هتلر : ولدت زوجتي في أفريقيا

وتكررت زيارتنا للشيخ الفضلي، وتجدد معه اللقاء الجميل وحملنا معه مع أحاديث الذكريات التي يرويها حية متدفقة كأنه يعيش تفاصيلها ويخوض غمار ها قبل أيام، أخذ بنا الحديث مناحي شتى، سواء كان عن أخباره الشخصية أثناء دراسته في لندن وكيف تعرف على شابة بريطانية واستضافها على مائدته والتي اكتشف مدير كلية الشرطة أنها سكرتيرة الحزب الشيوعي البريطاني، أو كيف تحول موقف ضابط الشرطة منه في حادث سير بسيط تعرض فيه لموقف عنصري، أو مساهمته في تأسيس شركة في السعودية لا تزال تعمل إلى ساعة حديثه معنا.
وهي أحاديث مليئة بالعبرة تسجل حياة (شاب ثمانيني) من عائلة سلطانية تعرضت لكثير من المحن والنكبات وأنجزت الكثير من النجاحات ،وسطرت في تاريخ اليمن الجنوبي أحداثا عبر مئات السنين، وحينما أقول أن الرجل (شاب ثمانيني) فلن يدرك مغزى تلك العبارة إلا من اقترب من الرجل وحادثه وحاوره واستمع إلى ذكرياته التي سارت أقدامها عبر قارات العالم القديم، فالرجل رغم بلوغه الثمانيين فلازال يتمتع بهمة وطموح وقوة وحيوية معنوية تتدفق فيها دماء الأمراء، وما يرويه الرجل من ذكرياته يشي بأنه كان يحمل مؤهلات شخصية تجعل منه رقما صعبا في البيت الفضلي والمشهد السياسي آنذاك.
وبدون مقدمات وضمن حديث جانبي سألته عن زوجته والتي لا تزال على قيد الحياة ، ففتح ذلك السؤال قصة متداخلة اختلطت فيها السياسة والحرب والهجرة والمنافي، ونقلني إلى تلك الأيام التي شغلت الدنيا كلها بالحرب العالمية:
وحتى يؤسس للحديث من جذوره التسلسلية قال:
زوجتي هي ابنة عمي السلطان صالح بن السلطان عبدالله بن السلطان حسين بن السلطان أحمد بن عبدالله الفضلي، وزوجتي ولدت في أفريقيا في كينيا أو في تنزانيا لا أتذكر جيدا، وعادت إلى البلاد وهي طفلة تتكلم اللغة السواحلية.
وتبدأ القصة، حين قام عمه وأبو زوجته السلطان صالح بن عبدالله الفضلي بالتواصل مع الألمان للتخلص من الهيمنة البريطانية وتدخلها في شؤون السلطنة خاصة ، والبلاد عامة، وبدأت المراسلات بينه وبين الألمان للحصول على الدعم والمساعدة ، وفي استقدام الالمان حال تطورت الحرب وصار ذلك ممكنا، لكن المخابرات البريطانية لم تكن غافلة، واستطاعت أن تلمح مؤشرات تلك العلاقة وما زالت تتبع خيوطها حتى رصدت مراسلات السلطان ووصولها للألمان، على إثر ذلك ألقت البحرية القبض على (صنبور) مركب بحري صغير متجه إلى شقرة فوجدته محملا ببعض الأسلحة والذخائر والمعدات والرسائل والخطط، وعلى إثر ذلك كان الهجوم بالطائرات على شقرة والزحف البحري والبري نحوها حتى سقطت شقرة عام ١٩٤٠ م وهرب السلطان مع بعض أركان دولته إلى منطقة (سعيدة) بالجبل وبقي هناك لمدة أربعة أشهر، ثم جرت مفاوضات وحوارات في عدن اتفق من خلالها على ترحيل السلطان وعائلته إلى أفريقيا {كينيا وتنزانيا} وتعيين عبدالله بن عثمان سلطانا وكان نائب السلطان والد محدثنا النائب حسين بن عبدالله الفضلي.
وعبر البحر رحل السلطان مع عائلته وبقي في منفاه هناك من عام ١٩٤١ --- ١٩٤٧ م . وفي عام ١٩٤٣ م ولدت زوجته هناك وعادت طفلة صغيرة تتكلم السواحلية.
بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وحسمت لصالح بريطانيا وحلفائها وبعد مرور سنتين جرت مفاوضات من العائلة السلطانية لعودة السلطان من منفاه إلى عدن ليعيش تحت إقامة جبرية موسعة حتى عام ١٩٥١ م ثم سمح له بعد ذلك أن يمارس حياته العامة والخاصة بعيدا عن السياسة فاشتغل بالتجارة وقام ببعض المقاولات مع شركاء آخرين حتى قيام الثورة وترحيله الإجباري الثاني إلى جدة بالمملكة العربية السعودية حتى وافاه الأجل عام ١٩٧٥ م.

 محطات في حياة الفضلي وسبب تسمية زنجبار

لازلنا نصغي لأحاديث الذكريات مع الشيخ أحمد بن حسين الفضلي ونحن نستحثه على نثر مافي كنانته قبل سفره إلى جدة خلال الأيام القليلة القادمة، لكنه يواجه عجلتنا ببتسامته الوادعة التي ترتسم من خلالها حوادث عشرات السنين ثم يطمئنا أنه سيعود إلى القاهرة قبيل شهر رمضان وستكون لنا في ليالي رمضان سهرات مع ذكرياته الكثيرة المزدحمة ،ذكريات ملك زائل وظل إلى الغروب زائل، ذكريات العز والسلطان، وآلام المنافي والتشرد والكفاح والتحدي. 
هناك محطات تجمعت من خلال تلك الأحاديث نستطيع أن نستخلصها على شكل نقاط. 
- ١٩٤٠ م ولد الشيخ أحمد حسين الفضلي .
* ١٩٤٧ م درس في مدرسة جبل حديد، وهي مدرسة خاصة بأبناء سلاطين وأمراء ومشايخ الجنوب. 
ثم انتقل إلى مدرسة (الرزميت) ليدرس أولى متوسط. 
* ١٩٥٤ م توفي والده نائب السلطنة حسين بن أحمد الفضلي بعد خلافه مع الإنجليز، وبعدها بأربعة أشهر سافر إلى القاهرة للدراسة في كلية(فيكتوريا) في المعادي فحصل على الشهادة المتوسطة منها أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦ م .
- أغسطس ١٩٥٦ م سافر إلى بريطانيا وفي جنوب إنجلترا أكمل الثانوية آخر عام ١٩٥٨م .
- ثم كانت العودة إلى أبين والالتحاق بالحرس السلطاني بعد حصوله على دورة أمنية في معسكر (شامبيون) معسكر النصر حاليا لمدة تسعة أشهر فتخرج منه عام ١٩٥٩م. وشامبيون هو اسم الضابط الذي أسس المعسكر.
الجدير بالذكر أن الحرس السلطاني تأسس عام ١٩٣٨ م وكان يتكون من ٣٦٠ فردا، وكان أول قائد للحرس السلطاني هو (هود بن عبدالله ) صاحب يرامس، لكن حين ألتحق الشيخ الفضلي بالحرس السلطاني كان قائد الحرس هو ناصر صالح بن عبدالله الفضلي وكان الشيخ أحمد بن حسين الفضلي ملازم ثاني. 
- ١٩٦٣ م أرسل إلى بريطانيا في دورة أمنية مدتها خمسة عشر شهرا، وفي هذه الفترة تعرف على زوجته الايسلندية. 
- ١٩٦٤ م كانت عودته إلى أبين برتبة نقيب. 
وفي هذا العام فشلت محاولته في الحصول على السلطنة عبر توقيعات القبائل. ثم عاد إلى بريطانيا فلم يطل مقامه هناك فعاد إلى أبين، لكنه أبعد من الحرس السلطاني ليعين مدير عام محلج القطن بالكود. 
وفي هذا العام نفسه تسلطن السلطان ناصر بن عبد الله الفضلي نتيجة خروج السلطان أحمد بن عبدالله الفضلي إلى مصر والتحاقه بالثورة والسلطان ناصر هو آخر سلاطين السلطنة الفضلية. 
- ١٩٦٥ م سافر إلى بريطانيا للزواج بزوجته الايسلندية أم ولده عبدالله(عمر) وتغيير الاسم له علاقة بالحصول على الجنسية الايسلندية. 
- ١٩٦٧ م سقوط السلطنة. 
................
* ١٩.٥ م بنيت أول البيوت في زنجبار. 
- ١٩٢٠ م رمى الإنجليز مدينة (العصلة) بالقنابل فنزح أهلها إلى المكان الذي أقيمت فيه زنجبار فيما بعد وبعضهم ذهب إلى الدرجاج ، علما بأنه كان في عام ١٨٨٦ م في مدينة العصلة ١٨٠٠ دكان. 
(و مدينه العصلة موقعها شمال قرية الشخ سالم بعد أن تقطع وادي حسان في طريقك الي شقرة وهي الان لاتزال في موقعها ولكنها خرابة بقي من آثارها البئر)
* ١٩٤٧ م أتخذت زنجبار عاصمة للسلطنة بدلا من شقرة وذلك مع تأسيس مشروع القطن. 
وكانت قبل زنجبار قرى المحل وشمس الدين وحصن آل شداد.

(سبب التسمية)
لما نفى الإنجليز السلطان حسين بن أحمد الفضلي إلى الهند في قصة سيأتي الحديث عنها مر ذهابا وإيابا بمدينة زنجبار في الساحل التنزاني وبقي فيها فترة فأعجب بها، فلما عاد إلى البلاد واتخذ له حاضرة جديدة أطلق عليها اسم (زنجبار) على اسم تلك المدينة التنزانية الجميلة. 
- ١٩٥٠ أطلقت السلطنة مشروع (السنت) في القطن لدعم التعليم. 
- ١٩٦٣ م بعثت السلطنة (٤٣) طالبا للدراسة في الخارج في مختلف التخصصات، بينما ابتعثت دولة الكويت (٣٩) طالبا.

 سنوات الكفاح 
عشية ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧ م سيطرت الجبهة القومية على البلاد وبدأت قصة تصفية كل الأشكال الأخرى ولم يبق إلا الصوت الواحد الذي لا يعلى عليه فبدأت في تاريخ الجنوب حكاية التشرد والمنافي والتصفيات والرحلات الجماعية، وقبل هذا التاريخ تم التخلص تماما من جبهة التحرير ثم جاء الدور على ٢١ سلطنة ومشيخة جرى تقويضها بين عشية وضحاها في عملية تشبه عملية تصفية ملوك الطوائف في الأندلس، طبعا مع فارق التشبيه والمشبه والأسباب، لكن النتيجة كانت واحدة، حيث وجد السلاطين والمشايخ أنفسهم في المنافي وقد أزيلت سلطناتهم ومشيخاتهم ولم تبق معهم غير الذكريات. 
استقبلت المملكة العربية السعودية سلاطين ومشايخ الجنوب وآوتهم إلى كنفها وصرفت لهم بطائق خاصة تمنحهم بعض الميزات. 
وجد الشيخ أحمد بن حسين الفضلي نفسه في جدة بين أربعة جدران خارج وطنه وملكه وسلطنته وسلطانه، فلم يمض وقته في لعن الظلام والبكاء على اللبن المسكوب ونعي الأطلال واقتيات الذكريات، والانتظار لما تجود به قرارات المملكة تجاههم ، بل وطن نفسه للتعامل مع الواقع الجديد وتسلح بالعزم والحزم وقرر أن يقبل التحدي ويجعل من المحنة منحة. 
ففي عام ١٩٧٢ م ساهم في تأسيس شركة نقليات للعفوشات وأصبح مديرا لها، وهذه الشركة تعمل من خلال خطوط نقل { طهران - بيروت - الرياض - الدمام }
ومن طريف ما يتذكر في تلك المرحلة أن شركتهم قامت بنقل عفش لسيدة أمريكية من طهران إلى الرياض ونتيجة لخطأ معين تأخر عفشها بين العواصم وسببت لهم هذه السيدة إزعاجا كبيرا خاصة أنها فقدت من عفشها حقيبة تحوي (إبريق وكأسات وثياب وصحن ) فأقامت الدنيا ولم تقعدها، وعرض عليها الفضلي أن يشتروا لها ما هو أفضل وأغلى مما فقدت، لكنها رفضت أي تعويض حيث أن ما فقدته يمثل لها قيمة تاريخية ترتبط بعائلتها الكبيرة. 
قال الشيخ الفضلي : وفجأة جاءني اتصال من عبدالله البليهي مدير مكتب أمير الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز ،يقول فيه : (الساعة التاسعة تكون في دار الإماراة ) وفعلا كانت الساعة التاسعة وأنا في دار الإماراة، فكلمني البليهي عن الحقيبة المفقودة وشدد علي في البحث عنها وأخبرني أن صاحبة الحقيبة هي زوجة قائد سلاح المهندسين الأمريكيين في السعودية، ووعدته بمزيد من البحث في المحطات التي مر بها العفش.
ثم طلب الشيخ الفضلي مقابلة الأمير سلمان وفعلا قابله الأمير واستقبله بحفاوة وسأله عن حاله وحال العائلة السلطانية ثم بشيء من اللطف طلب منه الأمير أن يبذلوا جهدا في البحث عن حقيبة الأمريكية، وهو ماتم فعلا حيث وجدت لاحقا في إحدى المحطات.
استمر عمله في هذه الشركة سنوات ثم استقال منها لظروف خاصة وبدأ في مغامرات جديدة. 
فقام عام ١٩٧٨ م بتأسيس شركة خدمات للشركات وهي عبارة عن شركة تمويل بعض الشركات والمؤسسات بالخضار والفواكه واللحوم ،وكان ذلك باستخدامه ترخيص يملكه شاب سعودي صاحب شركة سعودية كبيرة واتفق مع صاحبها أن يمنحه الفضلي في الشهر ٤٠ ألف ريال سعودي، وبدأ فصلا آخر من فصول الكفاح والنجاح والتحدي، فقد كانت هذه الشركة تمول أكثر من ١٢ ألف عامل يتبعون ١١ مستشفى ومصنع أسمنت وشركة للتنقيب عن الذهب ،وحقق الفضلي أرباحا كبيرة وأصبح رقما في دنيا العمل وبدأت تتفتح أمامه طرق لنجاحات أكبر ،فقد أصبحت فاتورة حجم العمل تصل في الشهر إلى ٢٢ مليون ريال سعودي، ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن
حيث أدرك الشاب السعودي مالك الشركة الأصل بحجم المبيعات وسعى عبر استخدام حقه القانوني في الاستيلاء على الشركة ، وسجن الفضلي لمدة أربعة أشهر، ليخرج من السجن وقد أصبحت الشركة بيد هذا الشاب السعودي وليذهب الفضلي للبحث عن بدائل أخرى، أما ذاك الشاب السعودي فلم تمر سوى أشهر حتى وافاه الأجل بصورة مفاجئة.

١٤ مارس ٢٠٢٠م 
.