استقلالية حضرموت بين الخيار التفاوضي وفرض أمر الواقع
(أبين الآن) كتب | أنس علي باحنان
كنت في حلقة نقاشية نظمها مؤتمر حضرموت الجامع بالوادي والصحراء بعنوان الحكم الذاتي في حضرموت المفهوم وآليات التنفيذ ، وذلك يوم السبت الموافق 28 ديسمبر 2024م ، تضمنت الحلقة النقاشية الثانية بمدينة سيئون عدة محاور ودار حولها نقاش مستفيض من شخصيات علمية وسياسية وأدبية و أكاديمية..
طبعا هنا يصعب علينا تناول أو نقل كل ما دار من نقاش أو التعليق عليه ، ولكن نذكر في هذا المقام امراً أجمع عليه الحضور وأمرا ربما اختلف بشأنه .
أما المجمع عليه من كل المتحاورين و المتداخلين ، هو أن من استحقاقات حضرموت الذي لا يقبل التأخير والتسويف هو حصولها على استقلالية مطلقة في إدارة شؤونها العامة ، تحت أي مسمى كان سواء أكان حكما فيدراليا أو كنفدرالي أو حكما ذاتيا أو خليطا من ذلك أو أية صورة أخرى..
أما المختلف حوله أو بالأصح ما تعدد الفهم تجاهه، هو هل يمكن الوصول لتحقيق هذا الهدف والاستحقاق بالخيار التفاوضي السلمي أو الخيار الثوري وفرض أمر الواقع..
وما كنا نميل إليه وما قلناه في مداخلتنا بهذا الخصوص هو :
إنَّ الحكومات والقيادة السياسية المتعاقبة على حكم اليمن وحضرموت منها ترفض رفضا قاطعا اعطاء حضرموت أية صورة من صور الاستقلالية ، وترى في ذلك تحجيما لها و لدورها و تهديدا لمصالحها ووجودها ، لما تتمتع به حضرموت من مزايا ومقومات تجعلها لا تحتاج للمركز أصلا ،بل تعده عبئا عليها و تستطيع أن تفرض نفسها بدونه، بل تقيم دولة خاصة بها، متى ما أرادت ذلك.
ومن هنا كانت الاستماتة ، والإصرار من المركز ، و القبضة الحديدية على أن تظل حضرموت تحت الوصاية والتبعية إلى ما شاء الله ولو أدى ذلك إلى شن الحرب عليها..
فإذا كان هذا الصلف و التعنت من المركز، لنيل شعب لطالما نادى بالحرية و الانعتاق من الجور و الظلم اللذينِ لم يكن إلا كل يوم في زيادة ، فما هو الحل؟؟
فهذه رؤيتنا للخروج من هذا المازق و نوجزها في الآتي :
أولا: طالما أن كل الحضارم وبمختلف أطيافهم أجمعوا على استقلالية حضرموت ، فمن هنا لابد على النخب والمتخصصين من إعداد البرامج والتصورات والأنظمة واللوائح لمختلف صور و أشكال الحكم الذاتي بكل صوره وعرضها للنقاش للأخذ بافضلها وبما يناسب الحالة الحضرمية..
ثانيا : لابد من مشاركة وموافقة كل الحضارم، لما يتوصل إليه من صيغة وصورة مناسبة لما تطالب به حضرموت من شكل الحكم الاستقلالي وذلك من خلال تمثيل اطارها و كتلها الاجتماعية والسياسية الممثلة لها ، وحتى لا يشعر أي طرف بالغبن و التهميش ويغمره الرضاء والسرور من أنه أسهم في إنجاز هذا الاستحقاق الوطني الحضرمي العظيم .
ثالثا: يعقب ذلك الدعوة للاصطفاف الشعبي والجماهيري ووضع الخطط لفرض أمر واقع هذا الخيار والاعتراف به من قبل الدولة اليمنية ، وإقناع المجتمع الدولي و دول الجوار والاقليم بمشروعية هذا الاستحقاق الذي تكفله الأعراف والقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية والأخلاقية..
فمتى ما سلك الحضارم هذا الخيار ودافعوا عليه بكل ما اوتو من قوة وعزيمة وإصرار،مستعنين بالله الواحد القهار،فلا بد أن يصلوا إلى تحقيق هدفهم ومبتغاهم لينعموا هم و اجيالهم في كنف وطن يشعر فيه كل فرد منهم بالعزة والشموخ والكرامة.
قال الشاعر :
فما نيل المطالب بالتمني ولكن تأخذ الدنيا غلابا
وفق الله الجميع لكل خير.