وجهة نظر حول مستجدات الأوضاع الحالية وتأثيراتها في الساحة الجنوبية

مستجدات الأوضاع في الجنوب اليوم تشمل نواح عديدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكرياً وأمنيا وخدماتيا ومعيشيا ويشهد الجنوب اليوم أحداثا متسارعة تتقاذفه من كل جانب فهناك حرب تخوضها القوات المسلحة الجنوبية في كل جبهات القتال مع الميليشيا الحوثية في الضالع ويافع وأبين وشبوه وكرش ، وهناك حرب أخرى تخوضها قواتنا الجنوبية ضد الإرهاب في أبين وشبوه وحضرموت ، وهناك حروب اقتصادية موجهة ضد شعبنا الجنوبي تتمثل في حرب الخدمات والرواتب وانهيار العملة وغلاء الأسعار وأزمات المشتقات النفطية وحرب ضد المخدرات والمهربات من الأسلحة وغيرها .

هناك مستجدات يتأثر بها جنوبنا الحبيب اليوم بفعل المؤامرات والدسائس المحلية والإقليمية والدولية ، وهناك تجاهل أممي وأقليمي لقضية شعبنا الجنوبي المطالب باستقلاله واستعادة دولته ، وتهميش له في مصفوفة عملية السلام التي تريد فرضها الأمم المتحدة والإقليم على شعبنا  .. مستجدات الأوضاع وعملية السلام تتأثر بما يحدث في البحر الأحمر وخليج عدن ، إذ صار من الصعب مواصلة جهود السلام في توتر الأوضاع وما صاحب ذلك تصعيد الحوثيين في استهداف السفن وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب .
أن عملية السلام التي يروج لها من قبل الأمم المتحدة من وجهة نظري تعتبر مضيعة للوقت بالنسبة لرعاتها الدوليين والاقليميين بصورة عامة وللجنوبيين بصفة خاصة  ، كوننا في الجنوب قد جربنا اتفاقيات السلام مع اليمن مرات كثيرة في حربي ١٩٧٢ و ١٩٧٩ وكانت كل الاتفاقيات واللقاءات بين الجنوب والشمال في عدد من العواصم العربية يتم الانقلاب عليها وتنتهي بشن الشمال الحرب على الجنوب ، وبعد اتفاق الوحدة المشؤومة ، انقلبت القوى اليمنية على اتفاق العهد والاتفاق قبيل حرب صيف ١٩٩٤م التي شنها نظام صنعاء وبإشراك القوى القبلية والدينية المتطرفة على الجنوب ، وانقلب الطرف الشمالي على اتفاق العهد والاتفاق وشن حرب ١٩٩٤م على الجنوب ، رغم صدور القرارين الامميين ٩٢٤ و ٩٣٤ بوقف الحرب وإعلان أن عدن خط احمر ، ولم يتم تنفيذها هذين القرارين على الإطلاق من قبل مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة 
ويبرز السؤال حول الكيفية التي ينبغي أن يتعامل من خلالها الجنوبيون مع هذه المستجدات المستجدات على صعيد العملية السياسية المزمع تمريرها على الحكومة الشرعية الصامتة والتي أصبحت في عداد الموتى وتمريرها أيضاً على الطرف الجنوبي القوي على الأرض والشريك الفاعل مع التحالف العربي رغم الإصرار على تهميشه من قبل الإقليم والمجتمع الدولي .
وقضيتنا الجنوبية قضية شعب كان له دولة مستقلة وعلم وعملة ومقعد في الأمم المتحدة والجامعة العربية ، دخل في وحدة شراكة مع نظام صنعاء ففشلت وماتت في المهد بحرب صيف عام ١٩٩٤م ، وناضل أبناء الجنوب لاستعادة دولتهم وأعلنوا فك ارتباطهم عقب إعلان الحرب على الجنوب وناضل شعبنا الجنوبي سلميا لاستعادة دولته ، وقدم قوافل من الشهداء ، وتعرض ابناؤه للقتل والتهميش وتدمير مؤسساته الجنوب ونهب ثرواته ، وإبعاد قواته المسلحة الجنوبية قسريا ، وجاءت حرب ٢٠١٥ بالعدوان الحوثي على الجنوب وحرر الجنوبيون العاصمة عدن من الحوثيين والمشروع الإيراني ، واستطاع شعب الجنوب أن يشكل نفسه في كيان  جنوبي بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي وتفويض الرئيس الزبيدي ممثلاً له في كل المحافل العربية والإقليمية والدولية ، وتحققت نجاحات له في كل الجوانب محليا وإقليميا ودوليا ، وأصبح شريكاً قويا مع التحالف العربي والمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب والمد الحوثي .
ولكن لم يلق شعبنا الجنوبي ممثلاً بالمجلس الانتقالي الجنوبي رد الجميل من المجتمع الدولي والإقليم ، ويتم الحديث عن تسوية للعملية السياسية ومسارات السلام دون الحديث بوضوح عن مشاركة الجنوب كطرف أصيل في أية مفاوضات .
لذا نصيحة أقدمها للمجلس الانتقالي الجنوبي ولوحدة شؤون المفاوضات في المجلس أن لا تنخدع بسلام وهمي بعد أن جربنا الطرف اليمني في اتفاقات ومشاورات سرعان ما يتم الانقلاب عليها بشن الحرب على الجنوب .
والنصيحة أنه قبل المشاركة في حوار عام إبلاغ رعاة الحوار أمميا وإقليمياً أن الطرف الجنوبي لن يدخل حوارا يمني دون شروط ومعايير يتفق عليها مسبقاً ، والتي تتخلص في أن الحوار يجب أن لا يستند إلى المرجعيات الثلاث كونها انتهت بالحروب التي تلتها وما صاحبها من سفك للدماء وتدمير البنى التحتية وانتهاكات لحقوق الإنسان وللمواثيق والقرارات الدولية ، حيث أن اتفاق ومشاورات الرياض ١ و٢ قد جبت ما قبلها بعد أن أفرزت الحرب واقعاً آخر ، وأن الجنوبيون لن يشاركوا إلا في حوار ندي بين الشمال والجنوب ، وأنه كي نتحاور من أجل السلام يجب أولا أن تتحاور قوى الصراع في النطاق الجغرافي لليمن شمالاً فيما بينها وبعد أن تتفق ، يمكن الحوار الندي بين الشمال والجنوب ، علما أن أي حوار للمجلس الانتقالي الجنوبي كممثل جامع لكل أبناء الجنوب سيكون سقفه الهدف الأسمى الذي أعلنه أبناء الجنوب المتمثل في استعادة دولتهم الجنوبية الفيدرالية المستقلة.
أما أن ندخل مفاوضات إطارها عام دون اعتماد الإطار الخاص لقضية الجنوب الذي يتبنى استعادة دولة الجنوب فأنه من المستحيل ، وشعبنا الجنوبي وقيادته السياسية وقواته المسلحة ترفض ذلك جملة وتفصيلاً ، ولديها القدرة على الدفاع عن الجنوب ولديها أوراق كثيرة ستجعل من هذا السلام ناقصا وفاشلا بكل المعايير ، وتستطيع قلب الطاولة على جميع الأطراف والرعاة الإقليمين والدوليين ، وبالتأكيد أن هذا الموقف سيؤدي إلى حرب أخرى ستطول بين القوى اليمنية والجنوبيين ، ولدينا القدرة على مواجهة ودحر قوى الاحتلال اليمني ، وستكون لهذه الحرب تأثيرات على المملكة ودول الخليج أيضاً والحليم تكفيه الإشارة .
واتمنى كجنوبيين قيادة سياسية وشعب حي أن لا نكرر الأخطاء السابقة التي وقعنا فيها مع قوى اليمننة في اتفاقات ومشاورات سلام وأبرزها اتفاقيات الوحدة ١٩٧٢ و١٩٧٩ و ١٩٨٩ من القرن الماضي ، وحوار موفنبيك صنعاء ، واتفاق الرياض ومشاوراتها ، ودخول الشراكة في حكومة المناصفة ، والتي كان مصيرها نقص العهود من الطرف اليمني ، وشن الحرب وفرض الحصار على الجنوبيين . . وعلينا أن لا نكرر الأخطاء السابقة وندخل في حوار للسلام مع قوى اليمننة وسقفه المرجعيات الثلاث .
لأن قضيتنا الجنوبية ومشروعها استعادة دولتنا الجنوبية وليست قضية عدة مديريات من محافظة صعدة أو مديريتين من مديريات كل من محافظات مأرب وتعز والحديدة التي تسيطر عليها ما تسمى الشرعية اليمنية المتهالكة والمعترف بها دولياً .
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية وحرب الخدمات والحصار الذي فرضته الحكومات المتعاقبة على شعبنا الجنوبي ، وما صاحبه من انهيار في العملة وانقطاع المرتبات وارتفاع أسعار السلع والبضائع والمواد الغذائية والمحروقات وغيرها ، وفي ظل الفساد المستشري في كل مفاصل الحكومة ، وفشلها الذريع في معالجة الأوضاع منذ ٩ سنوات وإلى اليوم ، وبعد أن أسفرت جهود قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في إطار مجلس القيادة الرئاسي بالضغط لإصلاح الوضع الاقتصادي وما نتج عن تلك الجهود من قرارات شجاعة وصائبة للبنك المركزي اليمني ووزارات النقل والتخطيط والاتصالات والتي أصابت الحوثيين بمقتل ، والتي جعلت الحوثيين يسعون لمحاولات الضغط على المملكة العربية السعودية لإثناء مجلس القيادة الرئاسي وحكومة المناصفة بإلغاء هذه القرارات فإن تلك فرصة لوزراء حكومة المناصفة من الطرف الجنوبي تقديم استقالاتهم ، والإعلان عن فض الشراكة الزائفة إذا ما رضحت لأية ضغوطات دولية أو إقليمية على حد سواء ، والعمل على اتخاذ قرارات مصيرية في هذا الاتجاه .
ورسالة شعب الجنوب لرعاة الحوار دوليا وإقليمياً أننا قد فوضنا قيادتنا السياسية لتمثيلنا في المحافل الأقليمية والدولية وعلى مستوى نطاق الأزمة اليمنية لاستعادة دولتنا ، وأن على التحالف العربي وتحديدا المملكة العربية السعودية أن لا تلقي لمطالب أبناء الجنوب المشروعة ظهرها باعتبار الجنوب حليف صادق وشريك قوي ووفي معها ومع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ومجابهة المد الإيراني والتوسع الحوثي وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن ، وإلا تنخدع بدعم شرعية مهترئة لا تسيطر إلا على عدة مديريات في مأرب وتعز والحديدة على حساب جنوب مسيطر على أرضه ويتقاسم مع الحوثيين ما نسبته أكثر من ٩٥ ٪ من مساحة اليمن ، فما العمل لو أدى تساهل وتجاهل الإقليم للجنوبيين ومطالبهم المشروعة ، وسيطر الحوثيون على جبهات التماس في محافظات جنوبية أو على اليمن كله ؟ أليس من المعقول أن تكون السعودية ودول الخليج الفريسة الأخرى للحوثيين المدعومين من محور المقاومة الإيرانية ؟ وعليهم مراجعة حساباتهم تجاه الطرف الجنوبي القوي والوفي في شراكته مع الأقليم ، وجنوب اليوم ليس جنوب الأمس في علاقته بالمملكة ودول الخليج وكذلك في وفائه لشراكته وتعهداته لهم ، لذا يجب وقوف رعاة الإقليم والمجتمع الدولي إلى جانب الجنوبيين ممثلين بكيانهم المجمع عليه من قبل شعبنا الجنوبي الا وهو المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية كطرف أصيل في المعادلة السياسية للأزمة في اليمن وهذا الطرح يجب أن يكون طرح المجلس الانتقالي الجنوبي والمفاوض الجنوبي لرعاة الحوار والعملية السياسية والسلام في اليمن من الأقليم والمجتمع الدولي .
وعلينا أن نستفيد من الدروس والعبر بأن أبناء الجنوب كلما مدوا أيديهم للسلام ، يلاقون يد الغدر والخيانة للطرف الشمالي تطعنهم في ظهورهم ، لأنهم لا يؤمنون بالسلام ، ومعروفون بنكثهم العهود والمواثيق والاتفاقات ولنا في في حروب ١٩٧٢ و ١٩٧٩ و ١٩٩٤ و ٢٠١٥ حتى اليوم عبرة لمن يعتبر .