التفكير قبل التوقيع

قبل الوصول إلى لب الموضوع عليكم أن تسمعوا هذه القصة 

الحكاية هي أن رجل توفى ولديه ولدين صغار السن ليس لديهم القدرة على توفير لقمة العيش لهم ولوالدتهم وقد ترك الأب لهم أرض زراعية وكان كل أهل القرية لديه أرض زراعية بالكاد يستطيع أن يعمل عليها ولا يستطيع العمل على أرض اليتيمين وامهما حتى يقتاتان من أرضهم واجتمع كبارات القرية وأجمعوا على البحث عن رجل ليعمل على الأرض يفيد ويستفيد من خيرات الأرض والبحث عنه في المناطق المجاورة لهم وعند حصولهم عليه طلب منهم الشروط وكان الرجل من الدواهي الذين يخططون إلى المستقبل البعيد 
فعندما رأى الشروط لم تتفق مع ما يرى رفضها ، وقال لهم يجب أن يكون الشرط أن أكون شريك في المحصول دون طرح أي شروط بعدها ولا قبلها وكل كبار القرية من البسطاء وكل مشكلتهم كيف يوجدوا رجل يساعد الأيتام ويحمل الأعباء عنهم وتم التوقيع على هذا النحو .

وتم العمل على هذا النحو يزرع ويقسم المحصول له ثلث حق الشراكة وثلث حق البذور وعمل اليد من ري وحرث وزرع ، ولهم ثلث واحد كأصحاب الحق 
وهكذا مرت السنين والأولاد يكبروا حتى وصلوا إلى السن الذي يستطيعون أن يديروا عملهم بأنفسهم وعندما طلب من الشريك أن يترك الأرض لأصحابها رفض الشريك إلا أن يكون شريك دائم بحسب التوقيع على اتفاق الشراكة .

وعندما تدخل كبارات القرية قال لهما لقد تم التوقيع على أن أكون شريك في المحصول فقط وأنا متمسك بحقي فيما تم التوقيع عليه 
لم يطرح علينا أي شرط مزمن في هذا العقد والكل شاهد على ما تم واثنين منكم وقع على هذا الإتفاق وهنا من حقي أنا بس أن أستمر أو أتوقف عن هذه الشراكة وعرف حينها الجميع أنهم لم يفكروا صح عند وضع الإتفاق وأنهم فقط كانوا يفكرون كيف يجدون من يعول الأيتام فقط وأصبح من حق الشريك أن يكمل المشوار إلى ما شاء الله وأصبحت العصمه بيده وليس بيد الملاك الحقيقيين .

نستخلص من هذه القصة أن المجلس الانتقالي الجنوبي حاله كحال الأيتام لم يفكر صح عندما تم التوقيع على الإتفاق وأن الغلطة الكبرى لم يحددوا نوعية العلاقة مع الشريك و لم يضعوا فترة زمنية محددة للشراكة وأصبح من حق الشريك أن يستمر إلى ما له نهاية وهكذا الشريك اليوم المتحكم بهذه الشراكة و بيده العصمة ولا يستطيع المجلس الانتقالي أن يفض الشراكة لكون وضع الشراكة يختلف عن وضع الأيتام لكونها تربطها شروط سياسية دولية تعمل على بقاء هذه الشراكة مستمرة وأن خل الشريك في الاتفاقيات يتم تصحيح الإخفاقات بتدخلات المخرج الذي أصبح المتحكم بأمور الطرفين لكونه المخرج الأساسي في المعادلة السياسية و هو صاحب الوقيعة والفخ الذي نصب للمجلس الانتقالي بأحكام وتم التوقيع عليه وهو من يقوم بسد الفراق وإنجاز العمل المطلوب ولو بتقطير لتستمر الشراكة بين الطرفين وللعلم هذا الإتفاق الذي تم التوقيع عليه ليس أمام كبارات القرية باستطاعة أهل القرية إستخدام القوة لفظ هذه الشراكة أو كما هو حاصل في حالة الأيتام و إنما هو توقيع دولي و أمام المجتمع الدولي والإقليمي ومثل هذا التوقيع الذي جعل الكعلة بيد اللباد وسيظل هذا الأمر إلى ما شاء الله .. ونسأل الله المخرج من هذا الفخ عاجلاً غير آجل 

وإلى هنا نكتفي